عبدالعزيز القاضي
خلوه يرقد والليالي تصحيه
يقوم من نومه بليا منادي
وهذا البيت الشهير مختلف في نسبته, فمنهم من ينسبه إلى الملك فيصل رحمه الله, ومنهم من ينسبه إلى شاعر من أهل ضرما اسمه الحليو, ومنهم من نسبه إلى الشاعر محمد الصالح المقبل من قصور المقبل الواقعة بين ضرما والرياض, القريبة من المزاحمية, وكل رواية تدعمها قصة مختلفة في الشخصيات متفقة في الحدث.
فقد ذكروا أن الملك فيصل اتصل على أخيه الملك فهد -رحمهما الله- عدة مرات, وكلما سأل عنه قيل له: نائم, فقال البيت.
ونسبه المرحوم منديل الفهيد إلى الشاعر الحليو, فقال: «هذه قصيدة الشاعر الحليو عندما سمع جيرانه يندهون ولدهم وهو لا يرد عليهم فقال الحليو أبياتًا منها:
خلوه يرقد والليالي تصحيه
يقوم من نومه بليا منادي
إذا غاب اللي منول مكفيه
توه يعرف إنه عن الرشد غادي
وله أيضاً:
خلوه ينام ويلحق النوم بالنوم
مادام بقعا ما خذلته عصاها
لا قاضي حاجة ولا فاد بعلوم
العين ما فاد الدوا في عماها.
وهذا النص منشور في (جريدة الرياض 24-6-1425هـ) أي قبل وفاته -رحمه الله- بثلاثة أشهر تقريباً, وذكر هذا في كتابه (من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية). ويبدو أن الناسخ أخطأ في كتابة الشطر الأول من البيت الثاني, وصحته (لا غاب عنه اللي منوّل مكفّيه). وعن منديل نقل الدكتور سعد الصويان في (فهرست الشعر النبطي) نسبة البيت للحليو.
وجاء في صحيفة ضرماء الإلكترونية ما يلي: «محمد بن صالح المقبل هو الأخ الأكبر للشاعر عبدالعزيز بن صالح المقبل -رحمهما الله جميعاً-.. كان محمد بن صالح في ضيافة واحد من الأقارب وكان ولده بجانبه نائماً.
قالوا له: ولدك نام يا محمد فرد ببيت واحد قائلاً:
خلوه يرقد والليالي تصحيه
يقوم من نومه بليا منادي
هو في الحقيقة بيت يتيم لكنه جميل وأعجب أخوه الشاعر عبدالعزيز بن صالح, فأكملها ببيتين قائلاً:
ممدي زمانه في حياته يربيه
تظهر عليه الشمس عقب البرادي
تحمي له المخطر همومه وتكويه
ما عاد عينه تهتني بالرقادي
انتهى،،،
هذه أهم الروايات التي اطلعت عليها في نسبة البيت, ولا شك في أن القائل واحد, وربما أيضاً كان شخصا آخر لم يرد اسمه هنا, والباقون قالوه على سبيل التمثل والاستشهاد كما يتمثل الناس بأبيات الحكم والأمثال عند حلول المناسبة.
أما نسبته للملك فيصل -رحمه الله- وهو شاعر فحل في النظم والمحاورة معاً, فأظنها لا تصح -على سبيل الجزم وقصد توجيه الانتقاد- بربطها بالمناسبة المذكورة, فالبيت يقال في حق الخامل الملازم للنوم, وقد قيل:
النوم للهلباج والكلب والنسا
وما يهتني بالنوم سرحان ذيبها
والملك فهد -رحمه الله- من أنبه الأمراء وأقواهم شخصية, وعندما تولى الملك كان من أبرز الملوك حكمةً ورأياً وقوةً وحزماً. ولا يصح أن يُنسب للملك فيصل أيضاً مربوطاً بهذه المناسبة، لأن الفيصل -رحمه الله- وهو زعيم قادة الدول الإسلامية وعراب التضامن الإسلامي، كان يجلّ إخوانه، ليس لأنهم إخوانه فقط، بل لأنهم رجال دولة.. وهذا ما تقتضيه أدبيات البروتوكول.
وإن كان تمثل به فإن تمثله كان ولا شك على سبيل التملح والتفكه والمداعبة, والناس يتمثلون تفكّها بأبيات الحكم والأمثال لأدنى مشابهة. أما نسبته للحليو فهي الأقرب للصواب لسبب واحد هو أن ناسبه منديل الفهيد, ومنديل -رحمه الله- من أبرز العلامات الأدبية على مستوى شعر النبط, وكما قيل: من حفظ حجة على من لم يحفظ.
لكن السؤال المهم هنا هو من الحليو هذا؟.. ولماذا لم يُذكر اسمه كاملاً؟.. هناك عدد من الشعراء يقال لهم الحليو لكنهم ليسوا من أهل ضرما, وهل الحليو هذا اسم أم لقب؟.. وإذا كان لقباً فهل هو لقب للشاعر محمد الصالح المقبل؟.. تساؤلات لا يجيب عنها إلا العارفون، ولعل أحداً منهم يوافينا بها خدمة للأدب, وحفظاً لحقوق الشاعر.
لقد سمعت البيت لأول مرة يتمثل به الشاعر والإعلامي المميز الأستاذ ناصر السكران في أحد برامجه الشعبية, ولكن برواية أخرى أظنها أجمل صياغة وتفرداً, وهي:
إن كان ما يصحى بليا منادي
خلوه نايم والليالي تصحيه