نهى والعشق ">
أصوات تتلاحق لا تدري أين هي؟ أو ماذا حدث؟
وضعوها على سريرها.... الطبيب جاء على عجل
والأب يبكي بجوارها... يحتضنها... يقبل رأسها... متمتماً بكلمات لا تسمع منها شيئا
ولكن عقلها يرصد إحساسه ودعواته لله أن يبقيها له فهي عائلته وكل ما يملك بعد وفاة أمها وهي صغيرة
أصبحت (نهى) محور حياته... يعمل من أجلها رغم مرضه...
يعود للبيت مسرعاً لتكون بين أحضان قلبه,,,, يراقبها بحب وهي تذاكر
(شايك جميل يا بابا)
تذكر كلماتها وهو يضع لها الشاي على الطاولة وهي تدرس...
لاحظ وردة بين ثنايا كتاب المدرسة... أيقن أنها كبرت.
الطبيب يضع سماعته على صدرها تشعر ببرودتها
والطبيب يبعد السماعة عن أذنه فجأة فقد كادت تصعقه تلك النبضات التي يدفعها قلبها ليشير للعالم أنها مازالت تحيى.... ينتفض جسمها....
تشعر أنها هناك بين السحب فكل شيء تتذكره يحمل ضبابا أبيضا... يداري زرقة سمائها... تنقشع الغمة قليلا ليظهر من خلفها شيء ما تحاول تبيانه.... تتسارع دقاتها
إنه هو (أحمد) حبيبها يحمل على يده البالطو الأبيض الذي كان له حلما حتى بعد أن دخل كلية الطب... وكانت تسأله دائماً لماذا تحلم بالطب وأنت تدرس بها وتكاد تنهي دراستك؟
... يرقبها بعينه العسلية التي آسرتها وما زالت... الآن فهمت تلك النظرات.....
الأب ما زال يحتضنها يمسح دموعها التي تغرق وجهها الصامت....
لا أحد يشعر بها وتلك النبضات المتلاحقة ليست عنوانا لصحة وقوة بل ربما كانت نداء لتلحق بحبيبها الذي رحل
يأخذها قلبها للحظات وأمنيات بينهما.... وهماً بين سحب التقاليد ورغبة الأهل بإكمال تعليمهما أولا... الأب يتمتم (ليتني وافقت على خطبتها) تبدأ النبضات في الاعتدال حين تخرج الطبيب الشاب وشعورها بأن القادم أفضل, بعد تلك السنة التي يقضيها في إحدى القرى البعيدة.... وفي نهايتها كانت نهايته أيضاً بطلقة طائشة.... حين علمت بالخبر استسلمت لغيبوبة طويلة، الطبيب لاحظ تسارع دقاتها
وضع على وجهها قناعاً
ليبعث فيها هواء بارداً ليهدأ صدرها قليلا.... استمر في متابعتها أياماً طوال....
والأب يشكره بامتنان.. بدأت تفيق....
عادت لحياتها رويداً رويدا لكنها مازالت تتذكره بل تنموا ذكراه أكبر....
تمنى أبوها أن تتزوج من تختاره ولكنها ترفض بإباء، أصبح سريرها رفيقها، تتناثر عليه كتب كثيرة...
تنام، أصبح نومها هو حياتها ,يزوروها في أحلامها و يواسيها ويرجوها أن تعيش وليبقى هو في ركن قصي بقلبها تخرج فقط لغرفة الصالون حين يأتي ذلك الطبيب للاطمئنان عليها... ورفيقها بين أحضانها
الزيارات مستمرة والتحدث في عالم الكتب أصبح الغالب...
أصبحت هي التي تنتظر قدومه......
كان يشتري لها وله نفس الكتاب تأكل صفحاته حتى يتحدثا عنه في المرة القادمة... تلاقت أرائهما في الحب والعشق..... في يوم آخر جاء بدون كتاب، جاء ليطلب يدها من أبيها.... هرولت مسرعة لسريرها وضعت رأسها على وسادتها... تبكي تطلب النوم... يأتي حلمها مسرعاً ضحوكا... قصت عليه ما حدث....
طلب منها وألح،
قامت من نومها وأدارت قرص الهاتف
وأبلغت (أحمد) بقرارها..
- محمد يوسف