أ. د.عثمان بن صالح العامر
حماية الوطن مسؤولية الجميع، فكل منا على ثغرة، وعلى كل منا تقع تبعات إزاء هذا الكيان العزيز بلد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، إذ إن الخطر متى أطل برأسه في أية صورة كانت فهو يهددنا نحن المواطنين والمقيمين، القاطنين والزائرين، حجاجاً أو معتمرين، ولا يستثنى من قاموسه أحد.
إننا -جماعات وأفراد- ننعم ونرفل بالأمن في هذه البلاد المباركة على قدم المساواة، بل ربما كان أصحاب رؤوس الأموال وملاك القطاع الخاص أكثر المستفيدين من استقرار الأوضاع واستتباب الأمن، كما هو معلوم في دنيا المال، ولذلك كان من نافلة القول في ظل الظروف الحالية التأكيد الشديد لوجوب مشاركة مؤسسات القطاع الخاص المختلفة في ضمان استمرار هذه النعمة في بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية.
نعم هناك عدد من مؤسسات هذا القطاع العريض دعمت وشاركت في مناشط محدودة ذات صلة بهذا الملف الساخن، ولكن شريحة عريضة منه ما زالت غائبة تماماً، وليس لها شيء يذكر على الإطلاق، وكأن أمن الوطن واستقراره وحماية شعبه وأبنائه وتحصينهم من تأثير الفكر الإرهابي المتطرف أو غيره من الأفكار الدخيلة لا يعنيهم وليس من ضمن أجندة أعمالهم الواجب عليهم الوفاء بها والصرف عليها.
إنني مثل غيري أتطلع لإقامة مؤتمرات وفعاليات وأبحاث ودراسات بين قطاعنا الخاص -الذي يتمتع بالدعم والمساندة المادية والمعنوية من قبل ولاة أمرنا حفظهم الله- ومؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة التي تنتشر في طول البلاد وعرضها، وعلى رأسها جامعاتنا السعودية ومدارس تعليمنا العام ومؤسساتنا الثقافية والإعلامية ومنابرنا الدعوية.
إننا في هذا الوقت بالذات أشد ما نكون حاجة لتكاتف الجهود، جنودنا البواسل ورجال أمننا الأشاوس بأنفسهم وأرواحهم، والساسة والمفكرون والمستشارون بعقولهم وأفكارهم، والاقتصاديون ورجال الأعمال بأموالهم، والفئة الخامسة بجاهها، والسادسة بعواطفها، والسابعة بدعائها وتبتّلها، والثامنة والتاسعة ولا يستثنى من هذه المنظومة المتكاتفة المباركة أحد؛ فالوطن غالٍ، والأمر جدّ، والتحديات تتعاظم وتكبر، وليس من مخرج بعد الله إلا بالعمل الجماعي المسؤول والفعال.
قد يقول قائل: وماذا على القطاع الخاص من مسؤوليات إزاء هذا الداء الخطير والمرض الفتاك الذي أضر الأوطان، وغرر بالصغار، وشوه السمعة، وألصق بالإسلام ما ليس منه؟.. ومع أن الإجابة قد تكون حاضرة في ذهنية الغالبية منا فإنني -من باب التذكير- أشير هنا إلى أن هذا الدور المنوط برجال المال والأعمال يتجاوز دعم المناشط التوعوية والتثقيفية في مختلف مناطق المملكة، إلى المشاركة في علاج الأسباب بعد تشخيصها والوقوف عليها من قبل الباحثين المختصين، ورصد النتائج والانعكاسات المستقبلية على أبناء الوطن وبناته الذين يتطلعون اليوم لخدمة الوطن وتقديم ما في وسعهم عبر بوابة القطاع الخاص، المرشح الأقوى لاحتواء هذه الفئة وإشغالهم بما هو مفيد ونافع لأنفسهم وأهليهم وربوع بلادهم المباركة، سواء أكان هذا الاحتواء من خلال المراكز العلمية أم الأندية الطلابية التي تقام داخل أروقة الجامعات السعودية، أو الاستقطاب الوظيفي، أو تبني المبادرات الريادية والابتكارات العلمية والأطروحات الفكرية، ومتى كانت اليد باليد والساعد بالساعد كان لنا بإذن الله وعونه وتوفيقه العيش بأمن وأمان وسلامة وإسلام، ودمت عزيزاً يا وطني.