أ. د.عثمان بن صالح العامر
عطفاً على مقالي الثلاثاء الماضي «الخلع .. أرقام ودلالات» الذي تحدثت فيه عن هذه المشكلة التي أطلّت برأسها في مناطق المملكة المختلفة باستثناء حائل والباحة وعسير، وختمته بالإشادة والثناء على ما قامت به المحكمة العامة بحائل من إنشاء وتبنِّي مكتب خاص، يعنى بالتوجيه والإرشاد للزوجين الراغبين في الانفصال، سواء أكان الانفصال طلاقاً أم خلعاً لأي سبب كان، حيث يحيل القضاة - بتوجيه كريم من فضيلة رئيس المحكمة العامة - قضايا الطلاق والخلع الواردة للمحكمة لهذا المكتب قبل النظر فيها، لعل الله يصرف الزوجين عمّا عزما عليه لما هو خير، ووفاءً بوعدي - الحديث عن هذه التجربة في مقال قادم - أكتب هذه السطور، بعد أن زوّدني – مشكوراً - فضيلة الشيخ محمد بن صالح الجزاع، رئيس المحكمة العامة ورئيس مجلس إدارة «وفاق « جمعية التنمية الأُسرية بحائل، بالأرقام والمعلومات التي تدلل على ما سبق الإشارة إليه، ومن القراءة الأولية لهذه الأرقام يمكن القول:
بدأت الوحدة أعمالها في شهر الله المحرم عام 1436هـ جراء الارتفاع المتسارع في عدد حالات الطلاق، الأمر الذي دعا مجلس إدارة الجمعية، برئاسة فضيلة الشيخ الجزاع وعضوية مشايخ وأكاديميين واستشاريين في الشأن الأُسري ومصلحين اجتماعيين، إلى تدارس الأمر مع عدد من القضاة والمختصين، ليتمخض النقاش والحوار عن وجوب إيجاد مكتب مختص يكون مقره المحكمة العامة، يهدف في الأساس إلى دراسة حال الزوجين والأسرة؛ للخروج بتوجيه مناسب لهما من حيث التفرق بالحسنى والكلام الطيب أو عدمه، وكذا ما يتعلق بأبناء وبنات تلك الأسر في ما يخص الحضانة والزيارة والنفقة، والتي تعدّ من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها شريحة من المجتمع في مناطق المملكة المختلفة.
بلغت حالات الطلاق الواردة للمكتب في المحكمة العامة بحائل في عام واحد 1436هـ (901) حالة ، (90) حالة كانت في الشهر الأول وهي أعلاها ، وأدناها كانت في رمضان المبارك (37) حالة.
استطاع المكتب أن يحقق الصلح بعودة الزوجين لبعضهما البعض في 27 حالة .
كما أن المكتب حقق الصلح بين الزوجين في ما يتعلق بهما وبأطفالهما من حضانة ونفقة وزيارة في 172 حالة.
أما عن الحالات التي لم تتم الموافقة عليها بطلب الطلاق لعوائق شرعية أو نظامية فعددها 113 حالة .
ووقع الطلاق في ما بقي وهو 589 ، وهو رقم مرتفع - كما هو واضح - يدل على أننا في هذه المنطقة وغيرها إزاء ظاهرة خطيرة تستحق الوقوف عندها طويلاً، والبحث لها عن حل جذري بعد معرفة الأسباب ودراستها على وجه الدقة، ومن ثم بيان سبل العلاج.
إنّ من نافلة القول هنا تأكيد أهمية الأسرة المستقرة في التنشئة الاجتماعية وسلامة البناء الوطني المتراص والمتكاتف، وفي المقابل لا يخفى خطر عدم التوافق بين الزوجين، فكيف بالطلاق أو الخلع على أمننا الداخلي، ولذلك على مؤسسات الدولة والقطاع التنموي الثالث مسئولية مباشرة في التوعية والتوجيه والإرشاد قبل الزواج، كما أن على محاضننا التربوية والتعليمية القيام بالتثقيف والتعليم والتربية والإعداد للذكور وللإناث لهذا العش الجديد، الذي يتطلع الكل إلى أن يستشعر طرفاه عظم المسئولية الملقاة على عواتقهما إزاء صغارهما، فضلاً عن ضمان استمرار كيانهما بعيداً عن كل ما يهدده بالسقوط ويعيق قيام أركانه بواجبهما الديني والوطني والغريزي، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.