د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** في مقاله « السبتي» المنشور مطلع هذا الأسبوع عتب شيخُنا أبو عبدالرحمن ابن عقيل على إخوانه في « الحرفة القلمية» أَنْ لم يحضروا أمسيته الشعرية ولم يواسوه بوفاة نجله، وخصَّ صاحبَكم وقال : (ولا سيما إبراهيم التركي الذي يراسلني منذ حمل اليراع... ولو عزاني أمثال التركي مهاتفة لكان ذلك أقلَّ ما يجب ولعذرتُه..) - الجزيرة - السبت 14/11/2015م - ص 22 - ؛فرعى الله علَّامتنا ورمزنا الكبير أبا عبدالرحمن وأسعده وجبر مصابه في ابنه «عقيل»- غفر الله له - وأحسن عزاءَه فينا إذ أمِل وصلًا فجُدنا بخذلان.
**بعث صاحبكم إلى شيخه برسالةٍ هاتفيةٍ عبر سكرتيره الخاص،وهو وسيطنا معه، مضيفًا إلى هذين التقصيرين ثالثًا حين لم يحضر احتفاله بزواج ابنة ابنته، معترفًا ألا سبيل إلى تبريرٍ ولو احتمى بوجاهة السفر والمرض، وأبلغه عن لزومه بيته بل سريره شهرًا «أو نحوه « حين عاودت صاحبَكم آلامُ « الديسك»،وتحديدًا : « التهاب العصب الوركي» المسمى: « عرق النَّسا»،ولم يحضر بسببه لقاءَ الملك بالمثقفين،وأُلقيت بالإنابة عنه ورقتُه البحثية حول «التأريخ الثقافي الشفهي في نادي القصيم الأدبي»،مثلما طال عليه الأمدُ فلم يزر والديه في عنيزة منذ شهرين مخفيًا أمر تعبه عليهما درءًا لقلقهما،ويعلم أصدقاؤه في « إدارة التحريرالشؤون الثقافية» حرجَ ظرفه وتواصلَه معهم عبر» الشبكة» وتلطفهم بإيصالِ الصفحات إلى منزله لمراجعتها ضمانًا لإصدار «المجلة الثقافية» بنكهتها والتزاماتها.
**لعلهما (السفر والمرض) عذران يشفعان له عن عدم حضوره الشخصي لكنهما لا يُعفيانه من التواصل الهاتفي ولا يجد لنفسه عذيرًا غيرَ قلب أبي عبدالرحمن؛ فلعله يصفو ويستقبله ليقبلَ جبينه ورأسه؛ سعيدًا برعايته له مذ التقى به أول مرة في دارته بحي الملز قبل ثلاثين عامًا ضيفًا على صفحته (قراءة في مكتبة)،وهي الصفحة التي كانت نافذته الأولى نحو العمل التحريري الثقافي، ولن ينسى تخصيص الشيخ جلسةً في منزله لقراءة كتاب صاحبكم (فواصل في مآزق الثقافة العربية) وكتابته عشر حلقاتٍ في عشر صفحاتٍ بالجزيرة عن هذا الكتاب، وهل ينسى احتفاءَه به كلما رآه وإدناءَه من مجلسه ودعوتَه لجميع مناسباته؟ وقبل هذا وبعده؛ فهل ينسى أن مثله تُشدُّ إليهم الرحال المعرفية؛ فجلسةٌ قصيرة معه ثراءٌ علميٌ،وسبق أن قال صاحبكم في محفل تكريمي مشهود إن أبا عبدالرحمن يُشعرنا بالتضاؤل حين نقرأُه أو نسمعُه؛ فأنى لنا أن نقتربَ من موسوعيته وعمقه، أفيُعقُّ مثلُه من مثلنا؟
**لا عذرَ لمحبك يا أبا عبدالرحمن إلا كرمُك، وما أقسى أن نعيش في زمن هذا الكبير فنقصر بحقه، وكلماته وإن جاءت محددةَ العنوان فإنها ممتدةُ البيان مخاطبةً الضمير اليقظَ في دواخلنا كي يحِلَّ الوفاءُ خيمةً ظل في مدىً عابر يسكنه العمرُ والعمل.
** العتابُ قرب.