رجاء العتيبي
هل يمكن للاتجاهات الدينية المتطرفة أن تجيب على سؤال: أين نجد عالمية الإسلام في سلوكهم وأقوالهم؟ كيف يمكن أن يبرهنوا لنا أنهم يتصرفون وفقاً لعالمية الرسالة المحمدية التي أكدها القرآن الكريم في أكثر من موضع؟
لو رحت تتبع خطاب الدعوة عند المذاهب المعاصرة ستجد أن الشيعة مثلاً: يقدمون للعالم كتاب الكافي والأئمة الاثنية عشرية ويقولون إن هذا هو الإسلام، ويقصون كل ما عدا ذلك، وتجد الصوفية، يقدّمون للعالم طرائق التصوّف باعتبارها الإسلام الحق بما تحمله من (حلول) في الإله، ووحدة الوجود، ويقصون ما عدا ذلك، وتجد عدداً من الاتجاهات السلفية المتطرفة تقدّم كتبها ورموزها للعالم باعتبارها الفئة الناجية.
هذا التباين الحاد في فهم الدين الإسلامي وتسويقه للعالم، يدخل في قوله تعالى :{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، لينتج عن ذلك صراع الكراسي، فكل منها يريد أن يستأثر بالصوت الأعلى، وكسب أتباع أكثر.
وطالما أن هذه المذاهب الدينية المتطرفة هجرت القرآن الكريم، وألفت كتباً مذهبية بديلة عنه، فلا غرابة أن ترى (إسلاماً متعدد) الأنظمة لا تعلم أيها الأفضل ليتم تسويقه للعالم، وتعتنقه البشرية، ويزداد الأمر سوءاً ارتفاع صوت ( التطرف) وخفوت صوت (الاعتدال).
ويشير كثير من العلماء (المستقلين) غير التابعين للمذاهب المتطرفة إلى أن عالمية الإسلام تكمن في ثلاث أسس: التوحيد، الإيمان باليوم الآخر، العمل الصالح انطلاقاً من قوله تعالى: « {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } البقرة 62 .
المذاهب المتطرفة أياً كانت، غير جديرة بتقديم الإسلام كدين عالمي موجه للبشرية جمعاء كما أكدت الآيات القرآنية ذلك، لا يمكن أن ينجحوا في ذلك طالما أن كتبهم ورموزهم التاريخيين مقدمة على القرآن الكريم، تلك الرسالة العالمية الجديرة بأن تكون خطاباً كل مسلم.
كثير من المسلمين المفترضين في الغرب يتحفظون على خطاب المذاهب، ويؤجلون دخولهم في الإسلام، فأمامهم سؤال كبير: أي هذه المذاهب يمثّل الإسلام الحق، وأي هذه الكتب الدينية يمثّل القرآن الكريم، وأي هذه الرموز التاريخية أكثر صدقاً؟ ضع نفسك مكان الراغبين في دخول الإسلام وستعرف أن الأمر صعب، وستعرف أيضاً أن عالمية الإسلام الحق، أفسدتها المذاهب والسياسة.