د. محمد عبدالله العوين
تشارك المملكة العربية السعودية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - في اجتماعات قمة دول العشرين الأقوى اقتصادا في العالم والمنعقدة حاليا في منطقة بيليك التابعة لمدينة أنطاليا جنوبي تركيا والمطلة على البحر الأبيض المتوسط.
بدأت قمة العشرين اجتماعاتها أمس الأحد وستختتم اليوم الإثنين بإصدار مجموعة من القرارات السياسية والاقتصادية التي تم التداول فيها بين أعضاء المجموعة التسعة عشر وبحضور ممثلي الاتحاد الأوربي المكل للرقم عشرين، وقد بدأت بالشأن السياسي قبل الاقتصادي ؛ على الرغم من أن التجمع تم الاتفاق على تكوينه 1999م على خلفية هموم اقتصادية ابتدأ التفكير الجاد في بحث حلول لها بوقت مبكر بعد أزمة عام 1973م النفطية وما تبعها من ركود اقتصادي كبير ؛ فتشكل تجمع ضم الدول الصناعية الكبرى في العالم ؛ وهي : أمريكا، واليابان، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وفرنسا، وكندا، وبعدا تفكك الاتحاد السوفيتي 1991م انضمت روسيا كمراقب في قمة نابولي 1994م ثم بصفة رسمية 1997م.
وبعد اجتماعات متوالية لوضع حلول لكثير من المشكلات الاقتصادية أو السياسية التي تعوق تطور الاقتصاد والتبادل التجاري وتؤثر على استقرار الأسواق العالمية وصل رؤساء مجموعة الدول الثماني إلى ضرورة توسيع دائرة هذا التجمع ليشمل بالإضافة إليها عددا من الدول الناشئة ذات الاقتصاد القوي من القارات ؛ فانضمت المملكة العربية السعودية والهند وأندونيسيا وكوريا الجنوبية والصين من قارة آسيا وجنوب أفريقيا من القارة الأفريقية والأرجنتين والبرازيل من أمريكا الجنوبية، وأستراليا من قارة أستراليا، والمكسيك من أمريكا الشمالية .
ويثير اختيار المملكة عضوا في مجموعة العشرين دولة القائدة لاقتصادات العالم على اختلاف ما بينها من فوارق كبيرة في النمو والقدرات الاقتصادية والعسكرية كثيرا من الاطمئنان والتفاؤل ؛ إن لم يكن الثقة من هذه الدول الكبرى إلى أن بلادنا تتوافر على مقومات النمو السريع ولديها من الإمكانات الإنتاجية والقدرات المالية ما يمكنها أن تخطو إلى الصف الأول المؤثر في الصناعة وقوة الاقتصاد المتنوع القائم على تعدد مصادر القوة والثراء الاقتصادي والتجاري لا المصدر الواحد .
وليس جديدا أن نعيد تكرار الحقيقة المؤكدة التي تتداولها كل مراكز المال والاقتصاد في العالم بأن المملكة هي أكبر دولة مصدرة للبترول، وأنها تملك 25% من احتياطيه في العالم، وأنها تحظى لذلك بالدور القيادي في منظمة أوبك، وأن البترول يشكل 45% من الناتج المحلي ؛ مع أن وزير التجارة والصناعة د. توفيق الربيعة قد صرح منذ أشهر بأن النمو الصناعي ضعف الناتج القومي خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، ولا أدري هل يشمل الناتج القومي دخل البترول أيضا؟! وعلى كل حال ؛ حان الوقت الآن لنبدأ ليس في التفكير بأن نخرج من محيط دخل ناضب طال الزمن أو قصر أو ربما مستبدل طال الزمن أو قصر بما يغني محله من طاقة كهربائية أو شمسية أو غيرها مما لا نعلمه، ونحن قد بدأنا بالفعل ؛ لكنها بداية ضعيفة وبطيئة ولا يمكن أن تشكل لاقتصادنا نقلة كبيرة تجعله أكثر ضمانا وأمانا من الاعتماد على سلعة معرضة لاهتزاز الأسعار في أية أزمة وللتنافس الشديد أيضا بين الدول المصدرة .
إن الخيار الأكثر أمانا واطمئنانا هو ما سبق أن صرح به الملك سلمان - حفظه الله - في مناسبة سابقة ؛ بأن خيارنا أن نتحول إلى دولة صناعية، وليس خافيا على المخطط الاستراتيجي ولا على رجال الأعمال والصناعيين أن هذا المجال الذي سيحل كثيرا من إشكالات البطالة المتزايدة والتي ستزداد مع توالي الأجيال الشابة، وسيخفف كثيرا من تصدير المال السعودي إلى المصانع الخارج؛ ربما يشمل جانبين:
1- الصناعات الحربية، وتملكها الدولة بالكامل.
2- الصناعات المدنية كالسيارات وأجهزة الحاسوب والإلكترونيات المختلفة.
وهو ما سأتناوله بشيء من التفصيل في مقال الأربعاء.