د. محمد عبدالله العوين
لقد اتضحت صورة المؤامرة بما لا يدع مجالا للشك، وتحقق كثير مما خطط له المفكر الصهيوني برنارد لويس وما بشرت به كونداليزا رايس، وأثمرت الخطوات القديمة المبكرة التي أشرت إليها في الجزء الأول من هذا المقال التي استغرقت ما يقارب أربعين عاماً عن واقع عربي جديد مختلف وعن شرق أوسط جديد لا يشابه سابقه ولن يعود كما كان حسب إشارة رئيس الاستخبارات الفرنسية؛ فعراق اليوم ليس عراق الأمس؛ فبالأمس كان عربياً سنياً وأصبح اليوم فارسياً شيعياً، وكانت أربيل وكركوك والسليمانية ودهوك وزاخو وحلبجة مدنا عراقية وأصبحت اليوم تابعة لما يسمى «إقليم كردستان» الذي يتمتع بحكم ذاتي مستقل بموارده المالية البترولية الهائلة برخاء واستقرار سياسي لا تمتع به السلطة المركزية في بغداد، وتشير تطورات الأحداث إلى أن تقسيم العراق ضمن مقاطعات ثلاث سنية وشيعية وكردية أمر قادم لا محالة بعد أن تصل المعارك مع داعش إلى نهاياتها التي خططت لها وتؤدي الغرض الذي تم من أجله تكوينها كتنظيم يسعى إلى خلخلة البنى الطبوغرافية القديمة في منطقتي العراق والشام وغيرهما.
ففي سوريا ستؤدي نهايات الحرب المؤلمة التي طال أمدها إلى أن تتمخض عن واقع جديد مختلف كل الاختلاف عما كانت عليه سوريا القديمة؛ وهي النتيجة التي خططت لها الاستخبارات الدولية وبدأتها بالانتفاضات الشعبية التي أطلقت عليها زوراً وبهتاناً «الربيع العربي» هذا الخريف الذي سيزهر ورده المر عن إقليم سني صغير ضعيف في الوسط، وآخر علوي على الساحل، وثالث كردي في الشمال!
وقد تم تأجيج البعد الطائفي الشيعي ضمن الخطة الدولية ليحدث صداما طائفيا متوقعا مع السنة في كل من العراق وسوريا، والطموح الاستخباراتي اللئيم أن يمتد تأجيج الصراع هذا إلى دول الخليج عن طريق المتطرفين المدفوعين عمداً أو المستجيبين عاطفة من الطائفتين إلى أن يشعل كل طرف النار في أماكن عبادات الطرف الآخركالمساجد والحسينيات؛ لتستمر حالة الفوضى مستمرة في المنطقة!
ومن أدوات التقسيم السعي إلى التطهير الطائفي في المناطق التي يقطنها أغلبية من السنة؛ لتتم عملية « إحلال وإبدال» إحلال شيعة من أعراق مختلفة محل عرب سنة يتم القضاء عليهم بالبراميل المتفجرة أو القصف الصاروخي أو الغازات السامة أو التهجير القسري إلى دول الجوار أو منافي العالم؛ لتكتمل عملية التقسيم وفق التكاثف الطائفي الجديد بحيث تكون الأغلبية في سوريا للشيعة أو العلويين وترجح على السنة التي كانت تمثل أكثر من 95% قبل الحرب!
إن عمليات القصف الهمجية بالبراميل والغازات وحتى بالطيران الروسي وما ترتكبه الجماعات الشيعية المتطرفة كحزب الله وغيره تتركز في مجملها على المدن التي يمثل السنة فيها النسبة العظمى من سكانها؛ كدمشق وحمص وحماه وحلب والرقة ودرعا، وعلى الأحياء السنية كما في دمشق وريفها؛ مثل حي جوبر والقدم والميدان وبرزة والقابون ودوما، ونلحظ أن المقاتلين الذين استنهضهم الخطاب الطائفي من المراجع الشيعية الكبرى تقاطروا من مختلف البلدان بدوافع شيعية متطرفة من إيران والعراق وأفغانستان ولبنان وتركيا واليمن والبحرين وغيرها، وقد تشكلت كتائب جديدة وأسهمت أحزاب شيعية متطرفة تدور في الفلك الفارسي في جرائم إنسانية بدوافع شعوبية وطائفية ترقى إلى أن تكون جرائم ضد الإنسانية، ومنها على سبيل المثال للحصر : حزب الله اللبناني والعراقي ومنظمة بدر الجناح العسكري وجيش المختار وأبو الفضل العباس وكتائب زينب ومليشيا النجباء وجماعة سرايا آل البيت وعصائب أهل الحق وجيش المهدي وكتائب الشهداء والحرس الثوري الإيراني ولواء ذي الفقار.
ويسعى النظام السوري إلى تشجيع الانتماء إلى الثقافة الفارسية؛ فقد أكدت «بثينة شعبان» في مخاطبتها الأكراد في سوريا على أن الاحتفال بعيد النيروز يجب أن يكون عيداً لكل السوريين!.
والمعنى أن سوريا الجديدة لا راية مرفوعة فيها فوق راية الفرس!