فهد الصالح
لم تكن ردة الفعل لدينا ولدى جميع الحضور في المشهد الرياضي مستغربة من مرئيات أعضاء مجلس الشورى عند مناقشة محتوى التقرير السنوي للرئاسة قبل أسابيع عدة، ونشر تلك المرئيات في وسائل الإعلام. فبين من يقول إن التقرير متواضع في تفاصيله وتحصيله، ومن يقول إن هيكل الرئاسة قديم ومتهالك، ولا يتماشى مع الشباب الذين من أجلهم قامت الرئاسة، وباسمهم بقي عنوانها، ومن يقول إنها بعيدة كل البعد عن هموم الشباب وطموحاتهم، وإنها لم تكن الحضن الذي يتطلعون إليه. كذلك انتُقدت كثيراً الرئاسة في تركيزها على كرة القدم، واقتصار الاهتمام عليها، وكأنها اللعبة الوحيدة في العالم، وضعف الاهتمام بالألعاب الأخرى، مع تأكيد عدد من الأعضاء ضرورة مراجعة الرئاسة لأنظمتها ولوائحها، والعمل على تطويرها بما يواكب المستجدات في مجالي الشباب والرياضة، وتطلعات القيادة والمجتمع. هذا مع العمل على دعم اللجنة الأولمبية وحماية استقلالها الفني والمالي، وتطوير نظامها الأساسي، والاهتمام بالبرامج والأنشطة الثقافية والاجتماعية الموجهة للشباب والفتيات توازناً مع اهتمامها بالبرامج الرياضية، وزيادة المخصصات المالية لهذه البرامج، وتكليف الرئاسة بالإشراف على الأندية والمراكز الرياضية التجارية، والعمل على تطويرها تحت لائحة موحدة، يتم العمل بموجبها، وإنشاء الملاعب والصالات المناسبة للاتحادات الرياضية التي لا تتوافر لديها منشآت، والتنسيق مع وزارة المالية لتوفير المخصصات المالية اللازمة لها، والاهتمام بالشباب غير السعودي المقيم في المملكة بالتعاون مع وزارة التعليم، وبخاصة طلاب المنح الدراسية في الجامعات السعودية لعمل برامج تربطهم بهذه البلاد؛ ليكونوا سفراء جيدين بعد رجوعهم لبلدانهم، والمطالبة بمعالجة التعثر في تنفيذ مشاريع الرئاسة الإنشائية، وتطوير أساليب متابعة تنفيذ برامجها بما يؤدي إلى إنجازها في وقتها المحدد.
ولعل التفصيل في الملاحظات التي أوردها المجلس تقود رعاية شبابنا إلى العمل على تلافيها، وعدم تكرارها. وأمامنا حتى التقرير السنوي القادم (عام كامل)؛ لنستطيع أن نغير ليس فقط الملاحظات والمرئيات ولكن نسجّل معه الإنجازات ومقدار التغيير الذي حدث في العصر الجديد لها، مع إضافة الخطط التي طالعتنا بها الرئاسة خلال الفترة الماضية بنتائجها.
إن رسالة الرئاسة والأندية رياضية وثقافية واجتماعية، حتى وإن نقلت تبعية الأندية الأدبية التي كانت تشرف عليها لوزارة الثقافة والإعلام؛ فالرياضة والتربية مرتبطان كطفلين سياميين.
إن ما ذُكر آنفاً هو ما كانت الصحافة الرياضية تنص عليه، وتؤكد على الحاجة له طيلة العقود الماضية، ولكن مثلما قال المثل (زامر الحي لا يطرب) فلم يكن يتوقع أحد في المشهد الرياضي أن تكون رعاية الشباب بهذه الصورة والتجديد فيها بهذه الصعوبة، كذلك لم نكن نتوقع أن الفكر غير الشاب أو من تجاوز بكثير أشده، وبقي عليه أن يعمل صالحاً يرضاه رب العالمين، ويدعوه أن يصلح له في ذريته، قادر على أن يحقق للشباب طموحهم في رئاستهم الشبابية. ولم نكن نتوقع أن التجديد في الفكر يمر بنفس بيروقراطية الصرف المالي مثلاً، أو الترقية والتعيين والفصل. ولم نكن كذلك نتوقع أن موثوقية رعاية الشباب في الإعلام الرياضي بهذه الصورة حتى تنتظر تلك الملاحظات من مجلس الشورى في حين أنها تستطيع أن تعالج الكثير منها، وخلال أشهر قليلة، خاصة ما يتعلق بشأنها الداخلي والتعاوني مع الجهات الأخرى، أما المالي فقد تُعذر منه.
يجب أن تكون القيادات الشبابية أقرب إلى الواقع، وترى بعين الرقيب الصادق، وتعترف بأنها لا تستطيع أن تصلح حال الرياضة السعودية المختلفة؛ ولذلك لا بد أن تستعين بالمدارس الإدارية والرياضية التي خططت لدول أخرى حتى حققت كل الإنجازات؛ فقط لأنها عملت وفق استراتيجية واضحة، ضمنت فيها الدعم الرسمي والشعبي، وارتكزت في ذلك على الواقع الذي قيّمته بوضوح، ثم قوّمته بدقة؛ فحصدت النتائج بتعاون جميع الأطراف. ولكي ننجح يجب أن ننبذ الأنا من أنفسنا، وأننا القادرون على التصحيح وغيرنا أقل فَهماً منا، ونبعد عنا ما كنا نرتكز باستمرار في خصوصيتنا التي جعلناها كالشماعة التي نعلق عليها تواتر الفشل. ولنؤمن بأننا نتعامل مع أكثرية الشعب، وهم الشباب، وما نصنعه لهم اليوم سيجنيه الوطن في المستقبل، فإن طاب الزرع طاب الثمر، والعكس لا نتمناه لوطننا ولا لشبابنا. ولنترجم اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالشباب، الذي لا يخلو من الإشادة بهم، والثقة فيهم، والاعتماد عليهم في كل كلمة يلقيها أو رسالة يبعثها أو وفد يستقبله.
ختاماً.. قال أحد أعضاء المجلس الموقر إن هذا التقرير بالملاحظات التي عليه، والتوصيات المشفوعة معه، هو ما يتكرر كل عام دون أن نلمس تغيراً إيجابياً نقف عليه ونشيد به، وهذا أمر نعود به إلى سمو الرئيس الشاب؛ فقادة التغيير يكتبهم التاريخ بماء الذهب، وأصحاب البصمة الإيجابية ليسوا كُثراً وإلا أصبحنا سكاناً في المدينة الفاضلة. ونتطلع إلى عصر جديد أكثر إشراقاً لشبابنا ولرئاستنا التي يجب أن تكون شابة في كل تفاصيلها الفكرية والإدارية، ولن يغير واقعنا إن طالبنا بأن تكون وزارة أو هيئة مثلما يراه البعض داخل مجلس الشورى وخارجه؛ لأن هذه مسميات بكل تأكيد لن تكون ذات فائدة إن لم يكن قائد التغيير صاحب فكر، ويستطيع أن يخلق من المعدوم معلوماً. كما نتطلع إلى أن يصاحب الفكر الجديد قيادات جديدة شابة، تواكب ذلك، وإلا سيسبق الحصان العربة، ونغرد خارج السرب، ولن يعكس العنوان ما يحوي الكتاب في ظل عدم التناغم، وإن قرأنا بصدق ورغبة التغيير ما يكتبه الإعلام الرياضي فسنكون على أعتاب عصر قادم جديد ومتميز.