فضل بن سعد البوعينين
تميزت إثنينية سمو أمير المنطقة الشرقية، الأمير سعود بن نايف ابن عبد العزيز، بموضوع نقاشها الحيوي المرتبط بـ «مشروعات الإسكان في الشرقية».. بشكل عام، تحوّلت «الإثنينية» إلى تجمع فكري يمزج بين الجهات الحكومية، العلماء، رجال المال والأعمال، والأهالي بأسلوب حضاري داعم للنقاش ومحفز للإصلاح والتنمية، يدير فيها الأمير الجلسة باحترافية، ويُعقّب فيها على المداخلات ويدعم بشكل واضح الاقتراحات والمطالبات المشروعة، والمبادرات المجتمعية التي أصبحت سمة من سمات المجلس.
أصبح ملف الإسكان الأكثر أهمية لدى الحكومة وجميع المواطنين دون استثناء، ما جعل من استضافة مدير ومنسوبي فرع وزارة الإسكان في المنطقة الشرقية حديث المجتمع ومحط اهتمامهم. شفافية الأمير، وانحيازه بشكل كلي لسكان المنطقة، أحيا في نفوسهم الأمل بعد أن أعياهم الصبر وطول انتظار منتجات الإسكان!.
تأكيد الأمير سعود بن نايف على أن الإسكان من أولويات خادم الحرمين الشريفين، وتقديره للقرارات والتوصيات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة الأزمة وتوفير المنتج النهائي للمستفيدين، لم يحل دون مطالبة وزارة الإسكان بأن توجد لأزمة الإسكان الحل العاجل المؤطر بجدول زمني محدد بعد التأكد من قدرتها على الوفاء به، حيث يقع على الجهة التنفيذية مسؤولية تحويل الأهداف المرسومة من قِبل الحكومة إلى واقع معاش.. وبالتالي تصبح الوزارة مسؤولة عن أي تأخير يحدث في ملف معالجة الأزمة، بعد أن وفر لها ولي الأمر أدوات النجاح، وفي مقدمها الموازنة الضخمة، ومساحات شاسعة من الأراضي.
مرّ ما يقرب من ثماني سنوات على اعتماد ميزانية الإسكان المقدّرة بـ 250 مليار ريال، والمخصصة لبناء 500 ألف وحدة سكنية.. أعتقد أن أكبر الأخطاء المرتكبة حينها، عدم تأطير مشروعات الإسكان بمدة زمنية محددة ما تسبب في إبطاء العمل، والانتقال من إستراتيجية إلى أخرى، والعودة إلى المربع الأول بعد كل مرحلة تتقدم فيها الوزارة نحو تحقيق الهدف الرئيس.
أجزم أن لأمير المنطقة دوراً رئيساً في دفع عجلة التنمية، وتحفيز الوزارات على استكمال مشروعاتها، والوفاء بوعودها، إلا أن مديري الإدارات الحكومية مكبلون بأنظمة وتعليمات الوزارات، واعتماداتها المالية المحدودة، وأولوياتها التي قد لا تكون من أولويات المنطقة.
المركزية في اتخاذ القرارات التنموية، ومركزية الرقابة والمتابعة، ومرجعية الإدارات في الهيكل التنظيمي يتسببون مجتمعين في إضعاف المخرجات، أو تأخرها، وهو أمر لا يمكن تجاوزه إلا من خلال تعزيز الحكم المحلي، وإعطاء أمير المنطقة كامل الصلاحيات والميزانيات الكافية لتنفيذ المشروعات التنموية الخاصة بمنطقته.. تحقيق كفاءة الإنفاق، وجودة المشروعات، وتفعيل الرقابة، ورسم أولويات المشروعات أمور لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الإمارة، ومجلس المنطقة، الأكثر دراية ومعرفة بالاحتياجات المحلية.
ويبقى التنسيق الأمثل بين الإدارات التنموية، وتحقيق التكامل بينها وتحفيزها للعمل كفريق تنموي متكامل، خياراً يصعب تحقيقه بمعزل عن سلطة الحكم المحلي.. في تعليقه على استثناء محافظة الجبيل من مشروعات الإسكان، أوضح مدير عام فرع وزارة الإسكان الدكتور شاهر السهلي، أن الوزارة خاطبت بلدية محافظة الجبيل لتوفير الأراضي لها، إلا أنها اعتذرت لعدم وجود الأراضي المناسبة.. الحقيقة أن الأراضي الحكومية تحيط بمدينة الجبيل من كل جانب، وهناك مساحات شاسعة يمكن للبلدية تخصيصها للإسكان، غير أن عدم وجود التكامل الأمثل بين الإدارات الحكومية، إضافة إلى غياب المرجعية الإدارية الموحدة، والجهة الرقابية الفاعلة، كنتيجة حتمية لمرجعيتها الوزارية، يتسبب دائماً في رفض طلب الإدارات الحكومية الأخرى، وإن كانت متوافقة مع القرارات السامية.
هيئة تطوير المنطقة الشرقية ربما أسهمت في تعزيز الجانب التنموي، وأوجدت مظلة موحدة برئاسة أمير المنطقة، قادرة على مواجهة التحديات، ومعالجة المعوقات الإدارية، وتجاوز معضلة تعدد مراكز اتخاذ القرارات التنموية، ورغم أهميتها تبقى غير قادرة على تحقيق المعالجة الشاملة التي تعتمد في الأساس على إستراتيجية «الحكم المحلي»، الشراكة بين وزارة الإسكان وهيئة تطوير المنطقة الشرقية ستساعد في تحقيق التكامل المنشود في قطاع الإسكان، وربما أسهمت في تحويل المخططات الحكومية للوزارة، وبما يساعد على زيادة مشروعات الإسكان في المنطقة، وتلبية طلبات المحافظات المستثناة من مشروعات الإسكان الحالية.
ملف الإسكان بات الأكثر أهمية للحكومة والمواطنين جميعاً، ما يفرض على الوزارة التعامل معه بكفاءة وذكاء، من خلال زيادة العرض وتوفير الأرض لطالبيها، وخفض الأسعار، وضمان المخرجات، لكسب رضا المواطنين وولي الأمر الذي جعل من معالجة أزمة الإسكان هدفاً رئيساً له.