سعد بن عبدالقادر القويعي
في كلمته التي ألقاها في قمة منتدى « كرانس مونتانا « السابعة عشرة، التي بدأت أعمالها في جنيف - قبل أيام -، بحضور العديد من الشخصيات الدولية، والوزراء، وممثلي المنظمات الدولية، أكد وكيل وزارة الداخلية - الدكتور - أحمد السالم، أن: « السعودية ماضية في حربها ضد الإرهاب، الذي عانت منه لفترة طويلة، ولا تزال، بل إنها من أكثر الدول تضرراً منه، حيث بلغ عدد العمليات الإرهابية التي وقعت 124 عملية، راح ضحيتها 100 شخص من المواطنين، والمقيمين، وأصيب 569، واستشهد من رجال الأمن 71، وأصيب 407، وقتل من العناصر الإرهابية 176 شخصاً، وتم إحباط أكثر من 250 عملية في ضربات استباقية لقوات الأمن، وذلك منذ العام 2003 م، وحتى تاريخه.
اكتوت السعودية بنار الإرهاب، فأدانته عالميا، وعملت على محاربته داخليا من خلال المعالجة الأمنية، بعد أن سجل رجال الأمن إنجازات غير مسبوقة، تمثلت في الضربات الاستباقية، وإفشال أكثر من 95 % من العمليات الإرهابية بفضل من الله، ثم بفضل الإستراتيجية الأمنية التي وضعتها القيادات الأمنية، وحازت على تقدير العالم - بأسره -. كما سجلوا إنجازاً آخر، تمثل في اختراق الدائرة الثانية لأصحاب الفكر الضال، وهم المتعاطفون، والممولون للإرهاب الذين لا يقلون خطورة عن المنفذين للعمليات الإرهابية، فتم القبض على الكثير منهم.
أما فيما يتصل بالمعالجة الوقائية، فقد قامت السعودية بالعديد من المبادرات، والجهود للقضاء على الفكر المنحرف، والأعمال الإرهابية. ونهجت الدولة - في ذات السياق - أسلوبا فريدا في علاج ما ظهر من بعض أبنائها باعتناقهم الفكر التكفيري المنحرف، وذلك من خلال مواجهة الفكر بالفكر، وتصدت وزارات الداخلية، والثقافة، والإعلام، والشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والتربية والتعليم، والتعليم العالي لهذا المجال.
لم تمنع الإعمال الإرهابية السعودية من اتخاذ موقف حازم، وصارم ضد الإرهاب بكل أشكاله، وصوره على الصعيدين - المحلي والدولي -، فكانت أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي في صفر لعام 1421هـ، وكانت وراء إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في نيويورك، حيث مقر الأمم المتحدة، وأعلن عن تبرع المملكة بـ100 مليون دولار لهذا المركز، ودعت المجتمع الدولي إلى تبنى عمل شامل في إطار الشرعية الدولية، يكفل القضاء على الإرهاب، ويصون حياة الأبرياء، ويحفظ للدول سيادتها، وأمنها، واستقرارها. كما أصدرت - في هذا المجال - العديد من التشريعات، والإجراءات الصارمة، مثل: « النظام الجزائي لجرائم الإرهاب وتمويله «، وشكلت لجنة عليا لمكافحة الإرهاب. واتخذت المملكة عدة إجراءت، منها: سن نظام مكافحة غسل الأموال، ولائحته التنفيذية؛ لتنظيم أحكام تجريم عمليات تمويل الإرهاب، وإنشاء وحدة للتحريات المالية (FIU)؛ للتعامل مع قضايا تمويل الإرهاب، وغسل الأموال، وتنظيم عمل الجمعيات الخيرية، وتحديد نطاق عملها الجغرافي، وإخضاعها للمتابعة الدورية، والمحاسبة.
ولأن الحرب على الإرهاب، هي حرب أفكار، ومعتقدات، وتضليل عقول الشباب؛ ولكونه مثّل مشكلة عالمية خطيرة، استوجبت التصدي لها، وتعاون جميع الدول، وتضامنها، وتضافر جهودها، فقد التزمت السعودية - حكومة وشعباً - بواجباتها، التي تفرضها مكانتها في قيادة العالمين - الإسلامي والعربي -، - وكذلك - سجلها الحافل بمحاربة الإرهاب، والتطرف - بمختلف أنواعه -.
إن جاز لي أن أختم بشيء، فهي الإشارة إلى الإستراتيجيات في محاربة ظاهرة الإرهاب مهما اختلفت، إلا أنها تبقى متفقة من حيث المبدأ على أن محاربة المعتقدات الأيديولوجية الدينية، والفكرية للتطرف، ودحض التفسيرات الفاسدة، والمنحرفة، والخاطئة عن الإسلام، وشرح خطورة استخدام العنف، والقوة؛ لتحقيق أهداف سياسية، أو دينية، يحتاج إلى تبيان الحجة بالدليل الشرعي، والعقلي، وتثقيف الرأي العام الوطني بخطورة الأفكار، والممارسات الإرهابية، مع ضرورة إبراز وجهة نظر علماء الإسلام الراسخين في العلم، وإقناعهم بالقيم الحضارية، التي تكرس قيم الاحترام، والعيش المشترك.