هدى بنت فهد المعجل
تجاربنا في الحياة نعممها كي يستفيد منها غيرنا. وتجارب غيرنا في الحياة يعممونها كي نستفيد منها. الحياة قائمة على تبادل الخبرات والمعارف والتجارب. لا يعني أن كل تجربة نأتي بها نخرج منها ناجحين. ولا كل تجربة يأتي بها غيرنا يخرج منها ناجحاً.
النجاح يتمثل في الفائدة التي أخذناها مع كل تجربة فاشلة. بل إنها لا تقل عن النجاح أو يشبه النجاح في التجارب. هنا خبرة وفائدة وهناك خبرة وفائدة. المهم الحذر من التعجل والتسرع والتهور قبل اتخاذ القرارات وعند اتخاذها, بجانب اللجوء لمن تثق في اتزان رأيه في حال احتجت اللجوء لأحد. حيث أذكر قبل 4 سنوات «تقريبا» توفر لدي مبلغ لا بأس به ، نصحني معرفة أن اشتري أسهماً في شركة حددها لي وذكر أنها خلال شهور سترتفع وتحقق أرباحاً طيبة. لأنه يملك خلفية أفضل مني في سوق الأسهم ، عملت برأيه واشتريت. فترة بسيطة وتراجعت الأسهم في السوق فتراجعت معها أسهم شركتي التي اشتريت فيها! شعر الذي نصحني بالخيبة أمامي وتحمّل ذنبي، لكني أخبرته بأني اشتريت عن رضا وقناعة ووعي بمسألة الربح والخسارة بالتالي سقط الذنب عنك. تراجع سعر السهم لم يدفعني للتفكير في البيع بخسارة لذا أغلقت المحفظة آخذة بمعلومة أن الاستثمار في الأسهم لا يقل عن 5 سنوات بالتالي ألغي من ذهني فكرة الخسارة وأبقى في السهم إلى أن يشاء الله. مضت 3 سنوات ثم أخذت الأسهم في الارتفاع ومعها أسهم شركتي وكانت فرصتي لمتابعة الارتفاع وتحديد سعر معين أبيع عنده. فعلا وصل السهم للسعر الذي حددته وبعت دون أن أفكر في احتمالية ارتفاعه لأكثر من السعر الذي حددته. بعت أسهمي في الشركة بربح نسبته 25%. لم أخسر ، وخرجت بفوائد عدة منها أن استعجال الربح خسارة بحد ذاتها للعلاقة الطردية التي نعرفها بين الربح والمخاطرة «خصوصاً في سوق الأسهم» حيث إن الربح العالي عادة يتماشى مع مخاطرة مرتفعة. بينما الربح القليل يتماشى عادة مع مخاطرة منخفضة. استفدت من التضخم والذي يعنى به أن القيمة الشرائية للعملة تقل بمرور الزمن بالتالي ترتفع قيمة السلعة بمقدار التضخم سنوياً إذا علي وضع ما لدي من مال في سلعة قابلة للارتفاع مع مرور الزمن بدلاً من ترك المال سيولة في المصرف ومع مرور الزمن تقل القيمة الشرائية للعملة بسبب التضخم.
لن أخرج عن محيط أن تجاربنا مع الآخرين علاقة تبادلية ، ليس فقط في عالم المال وحده ، لكنني اقتصرت هنا على المال لأنه زينة الحياة الدنيا ولأن كرامة الإنسان تتحقق من خلال اكتفائه المادي اكتفاء يقيه من الاحتياج للآخرين واللجوء إليهم أو سؤالهم مالاً ومساعدة.
كرامة الإنسان أو الكرامة المالية تتحقق له عندما يعرف كيف يوازن بين ثلاثية : الصرف والادخار والاستثمار. صرف المقدار السليم، في المكان السليم، في الوقت السليم كما قال بذلك الأستاذ: أحمد الشقيري في برنامجه «خواطر».
ما علاقة الصرف والادخار والاستثمار بقصتي مع السهم أعلاه !؟.
العلاقة أن المال الذي اشتريت به أسهم تلك الشركة مال ادخرته من حر مالي لم أستلفه ولم أقترضه. وحتى لا أصرفه في غير مكانه ولا وقته السليم رأيت استثماره. ولأني لم استعجل الربح صبرت عليه حتى ارتفع سعر السهم وبعت مع أني عندما نويت الشراء كنت أريد ربحاً سريعاً بالتالي حزنت عندما تراجع سعره حزناً لم يدفعني للبيع بخسارة.
الادخار عملية توفير يمكن أن تصبح عادة عند الكل تفيد الكل؛ لأن الادخار كما ورد في دورة «ريالي للوعي المالي» استقرار مالي - أمان - مصاريف أقل من الدخل - اعتماد على النفس - تطوير ذاتي - تحقيق أهداف حياتية. وكلها وجدتها مع قصتي السابقة وقصص كثيرة غيرها. الادخار يصبح سهلا كلما كان جزء من حياتنا وجزء من عاداتنا حيث لا قيمة للمبلغ المدخر ولا عمر للشخص الذي يدخر طالباً كان أو موظفاً أو ربة بيت. بل إن الادخار للطالب خلال فترة الدراسة يحقق له حياة آمنة بعد التخرج. كما وأن استثمار مبلغ نويت به شراء شيء لا تحتاجه، يحقق لك ربحاً عالياً بعد عدة سنوات.
مثال : نزل الآن في السوق آيفون اس وهناك من هو بصدد شرائه ليس لأنه يحتاجه إنما مواكبة كل جديد واقتنائه. كم ثمن أيفون اس لو اشتريت بثمنه سلعة أو وظفت ثمنه في إصدار بطاقات تعليمية وبعتها ثم عملت بطاقات أخرى أكثر وبعتها وهكذا على مدى «لنقل 5 سنوات» كم سيكون مبلغ الربح الذي حققته من سعر ايفون أس الذي نويت شراءه وأنت لا تحتاجه!؟. أراكم على خير.