هدى بنت فهد المعجل
حاجة الإنسان للاستقلالية الفكرية حاجة بشرية ملحّة وضرورية. ولا يعني ذلك أن يتميّز إنسان على آخر أو يتغلّب عليه أو يرتفع عنه مفاضلة وتفضيلاً؛ بقدر ما أنها أحقية الفرد في تبني رأي أو فكر ثم الدفاع عن رأيه وفكرته إذا اقتنع بها واستحسنها،
حيث لم تأخذ طريقها إلى عقله إلا بعد أن اقتنع بها. فمن يتبنى فكر غيره بالتالي يدافع عنه وعن فكرة هذا الـ غير لا نقول إنه مستقل فكريًا، بل إنه بتصرفه هذا لا يستحق أي استقلالية طالما فكرته فكرة غيره.
عندما كنّا طالبات في مراحلنا الدراسية العامة كنا ندرس مناهج بعضها تشتمل على أفكار كما لو كانت مسلمات لا يسمح لنا «تقريبًا» بنقاشها أو التفكير فيها. فقد تعطي المعلمة الدرس لطالباتها دون أن تسمح لهن بمناقشة المعلومات في الدرس وربما لا تعطيهن فرصة للوقوف والسؤال بالتالي يمضي المنهج بالطالبة دون أن تستوعب أو تقتنع ببعض مما جاء فيه. كل ما عليها حفظ المحتوى أو فهمه وكتابته في الاختبار. الشيء نفسه من الآباء في البيوت تجاه أبنائهم. الوضع في المدارس تغير أو تحسن نوعًا ما تحسن الوضع في بعض البيوت تحسنًا مقبولاً. ما يتوصل إليه غيرنا على أنه حل لمشكلة ما أو طريقة أخرى لصناعة أكيدة لا يلغي قدرة عقلك على التوصل لحل آخر مختلف لنفس المشكلة تلك. الاستقلالية الفكرية واستقلالية التفكير ترتكز على نقاط ضرورية بدونها لن تستقل بفكرة مميزة وتفكير سليم. نقاط قومها الحوار بعد أن نتعرّف على موضوع الحوار حتى لا نقع في حفرة حوار مع طرف آخر أو أطراف أخرى بلا هدف من ورائه فنهدر وقتنا وجهدنا في لا شيء على الأقل بالنسبة لموقفنا من الأشياء ولا أشياء. مع ملاحظة أن الحوار ينبغي أن يدور حول الفكرة وليس حول الأشخاص فالحوار حول الفكرة نريد منه البحث عن المعلومة والفائدة وليس تحقيق انتصارات شخصية والقضاء على الخصم أو «التحجير عليه» لأننا بهذه الطريقة شخصنّا الموضوع أو استهدفنا الأشخاص المتحاورين وليس الأفكار فتنشغل عقولنا بعيوب الشخص عن عيوب ومحاسن الفكرة. متى ما صوبنا الهدف نحو الفكرة؛ اشتغلنا عليها وتفرغنا لها وأعملنا عقولنا وتفكيرنا لأجلها، فإذا اشتغلنا على الشخص ضاعت الفكرة للأسف وهدرنا الوقت والجهد والطاقة بما لا فائدة منه. أيضًا استقلالية التفكير واستقلالية الفكرة بعدم التعصّب للآراء أو لمدارس فكرية معينة؛ فجميع المدارس الفكرية مهما بلغت من الدقة والجودة والتَّميز في الأفكار لن تكون معصومة من الخطأ وفي تعصبنا لهم أو للمدارس سد الباب في وجه فكرة جديدة أو متجددة أو في وجه تصويب خطأ أصحاب الفكرة أو العلماء. لكن لا يعني ذلك تسفيه العلماء أو المدارس والطعن في أفكارهم والمجال مفتوح لجميع الأفكار طالما الذهن يعمل بتقنية عالية. علمًا بأن الانصات أثناء الحوار والنقاش أهم من كثرة الكلام فليس الهدف من الحوار استعراض كمية المعلومات التي تمتلكها بقدر ما أنك بحاجة لزيادة رصيدك من المعلومات أو تحسين ما لديك منهاتى تكون مؤهلاً لتدارسها مع نفسك والتفكير باستقلالية ربما تنتج فكرة مستقلة لك أتت عن قناعة واقتناع فإذا أتيت كي توصل معلومتك للآخرين كنت قادرًا على استخدام أكثر من طريقة لإيصالها. فالفكرة إذا اتضحت في ذهن استطعت إيضاحها للآخرين وتوصيلها لأذهانهم بسهولة فكلما استقل تفكير كلما أنتجت فكرة مستقلة بك.