جاسر عبدالعزيز الجاسر
في العام الواحد تسقط الكثير من طائرات نقل الركاب بأسباب متعددة، منها المشاكل الفنية وما أكثرها ومنها العمليات الإرهابية، ومع هذا تظل تلك الحوادث ثانوية حيث تظل مثارا للاهتمام عدة أيام ثم يتلاشى الاهتمام وبعدها ينساه الناس.
صباح يوم السبت سقطت الطائرة الروسية من طراز 321 فوق وسط شبه جزيرة سيناء ونتج عن سقوطها وفاة 224 مسافر من بينهم 7 من طاقم الطائرة.
الطائرة سقطت بعد مرور إحدى وعشرين دقيقة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ في طريقها إلى مدينة سان بطرسبورغ الروسية ومعظم الركاب من المواطنين الروس وعدد قليل جداً من الأوكرانيين.
الطائرة الروسية كانت تحلق على ارتفاع عال تجاوز ثلاثين ألف قدم، وهو ارتفاع يجعل من الصعوبة إصابتها بصواريخ الإرهابيين، كما أن سقوط الطائرة بالقرب من مدينة طابا المصرية وفي وسط شبه جزيرة سيناء يجعلها بعيدة عن أماكن تواجد الإرهابيين في شمال سيناء. ولهذا فقد تعاملت جميع المصادر الأمنية والإعلامية زعم تنظيم داعش مسؤوليته عن الحادث باستهزاء وسخرية وعدوه محاولة رخيصة لاستثمار مأساة إنسانية وتسويقها إعلامياً خدمة لأهداف رخيصة، خاصة وأن كثيرا من المعلومات تؤكد أن ما حصل للطائرة هو عطل فني ستعززه المعلومات التي سيكشف عنها تحليل ما يتضمنه الصندوقان الأسودان للطائرة المنكوبة اللذان عثرا عليهما في مكان الحادث، وينتظر أن تخضع ما تضمنته محادثات قائد الطائرة مع سلطات الطيران ومسؤولي الأبراج في المطارات القريبة من مكان سقوط الطائرة وسيتم فتح الصندوقين بحضور مسؤولين من سلطات الطيران في مصر وروسيا إضافة إلى خبراء من شركة أيرباص المصنعة للطائرة والشركة الروسية المالكة للطائرة. وحتى يتم تحليل تلك المعلومات التي تتضمنها تسجيلات الصندوقين فإن المسؤولين عن الطيران المصري والروسي قد امتنعا عن الإدلاء بأي تصريحات عن الموضوع وإن بادروا بالقيام بالإجراءات المطلوبة في مثل هذه الأحداث حيث بادرت السلطات الأمنية في روسيا بالتحفظ على سجلات الشركة المشغلة للطائرة وخاصة سجلات صيانة الطائرة والمعلومات الخاصة بطاقم الطائرة وخاصة قائدها ومساعده والمهندس المرافق في حين تم مراجعة الدقائق التي قضتها الطائرة في مطار شرم الشيخ وتقارير الكشف قبل الاقلاع وتصديق قائدها على سلامة طائرته وقدرتها على قطع المسافة الطويلة بين شرم الشيخ وسان بطرسبورغ الروسية.
سقوط الطائرة الروسية وفوق منطقة قريبة من نشاط الجماعات الإرهابية المتشددة أعطى الموضوع أهمية أخرى لكون شبه استهدافها تبقى واردة خاصة بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا، كما أن الجماعات الإرهابية التي تحارب الدولة المصرية تعمل على إجهاض التعافي الذي تشهده السياحة المصرية، والسياح الروس من أكثر الجنسيات قدوماً إلى شرم الشيخ والغردقة، ولهذا فإن استبعاد شكوك ضلوع الجماعات الإرهابية في مثل هذه الأعمال الدنيئة عمل لا يمكن أن تقدم عليه السلطات في مصر وروسيا معاً، مع وجود العديد من الدلائل على أن ما حصل للطائرة الروسية هو عطل فني تتعرض له معظم الطائرات المدنية.