رقية الهويريني
تفــاءلت موظفات القطاع الخاص خيراً قبل صدور التعديلات المستحدثة المتماشية مع متغيرات سوق العمل السعودي؛ لإدراكهن حرص وزارة العمل على تقديم خدمات متطورة ومميزة للمرأة، ورفع القدرة التنافسية لها. ولكنهن فوجئن بالقرارات والمواد المتعلقة بهيئة لباس المرأة، وليس طبيعة عملها! ولا شك أن الحشمة والستر مطلوبان من جميع النساء، وليست المرأة العاملة فحسب، التي ستكون حتماً أشد حرصاً على العفاف، وأكثر حفظاً لكرامتها حين التعامل مع الرجل في مكان العمل.
والحق أنه أزعجني كما كدر غيري فرض غرامة مالية على المرأة التي لا تلتزم بالحجاب الشرعي، ذلك المفهوم الفضفاض، بدلاً من إقرار إيقاع أشد العقوبة على من يتحرش بها من الرجال، أو لا يحترم وجودها، ويقدر مكانتها!
وأصاب الفتيات الإحباط بعد صدور التعديلات الأخيرة التي عظّمت جانباً ليس من صلاحيتها، وأهملت جوانب مهمة ضمن اختصاصها، ولم تقدّر تلك القرارات خصوصية المرأة كأنثى، سواء فتاة أو أُمًّا تمارس مهامها الأسرية، وبالأخص ما يتعلق بطول ساعات الدوام المساوية للرجل، بل قد تتعرض لضغوط لإلزامها بالبقاء في مكان العمل ساعات إضافية لإنهاء بعض المهام دون الاتفاق على ذلك مسبقاً، واحتسابه بدلاً على الراتب! مع يقيني أن جميع النساء العاملات لا يرغبن في البقاء في مكان العمل الساعات الطويلة المقررة، فما بالك بتمديدها!
والمزعج في القطاع الخاص تأخير البدء في الدوام اليومي صباحاً؛ إذ يبدأ في غالب المؤسسات والشركات والبنوك عند الساعة التاسعة صباحاً، ولا ينتهي إلا السادسة مساء، مع إضافة ساعة الغداء؛ ما يزيد العبء على المرأة! ولو بدأ عند السابعة صباحاً، وانتهى عند الثالثة عصراً، دون الإلزام بساعة الغداء الدخيلة، لكان مناسباً للمرأة، وخصوصاً من لديها أطفال، تذهب بهم لمدارسهم، فتتوجه لعملها ولا تتأخر في الحضور؛ لتتمكن من مشاركة أسرتها الغداء، وتستطيع ممارسة مهامها من مراجعة دروس أبنائها، ومتابعة تحصيلهم، كما تنال قسطاً من الراحة، الذي يُحدِث أثراً نفسياً إيجابياً بما يحقق الأمن الاجتماعي لها ولأسرتها ولعملها.
إن الوضع الاجتماعي والأسري لدينا يحتمان على المرأة الوجود في المنزل معظم الوقت، والتضييق عليها من لدن إدارات القطاع الخاص ينفِّرها من الالتحاق به، ويجعلها تتوق للعمل الحكومي؛ فالموظفة لدى الحكومة تنهي دوامها عند الساعة الثانية ظهراً، بينما المعلمة تغادر مدرستها قبل الثانية عشرة والنصف ظهراً.
إن تحقيق التوازن في ساعات العمل بين القطاعين الحكومي والخاص يرجّح كفة الثاني من حيث المزايا الوظيفية، ويخلق التنافسية المطلوبة، ويخفف العبْء على القطاع الحكومي.