رقية الهويريني
في الوقت الذي يحذر كثيرون من بعض القنوات الفضائية التي يصفونها بالهابطة والمنحلة لأنها تعرض مسلسلات وأغاني وبرامج منوعة؛ بدأت داعش بعمل مؤسسي إعلامي من خلال استخدام التقنية للتأثير على أبنائنا وزعزعة مبادئهم وقيمهم والتشكيك في دينهم. ويبدو أنه لم يعد ينحصر التحريض على الشباب فحسب؛ بل بدأ خطر من نوع جديد موجّه نحو الأطفال عبر أجهزة البلاي ستيشن، حيث أظهر مقطع صوتي قيام فئة مجرمة بتحريض طفل على قتل والديه وأقاربه كي يدخل الجنة! وهو ما أن يبدأ اللعبة حتى يقوموا بإضافته صديقاً والتواصل معه، ومن ثم يبدأوا بإرسال الرسائل المحرضة.
والحق أنه يمكن لأي شخص يملك مهارات خاصة التسلل إلى فكر الطفل البريء وعقله الباطن، ليزرع فيه ما يشاء، من خلال الألعاب الإلكترونية خاصة أنها جذابة للطفل، وقد يدرّبه فيطلب منه القيام بأعمال تدريجية لإنجاز مرحلة من مراحل اللعبة ثم يؤدي به إلى كارثة لا يتوقعها الطفل ذاته!
ولاشك أن ذلك يعد استدراجاً للأطفال نحو المنهج الإجرامي الذي تتسم به داعش عبر الوسائل التقنية، مما يجعل المسؤولية التربوية والأخلاقية كبيرة جداً على الآباء والأمهات والمؤسسات التربوية حتى لا ينجذب شبابنا نحو تبني الأفكار التكفيرية والنقمة على المجتمع. ويلزم الوالدان التواصل المباشر مع أبنائهم، ومناقشتهم فيما يصادفونه ويلاحظونه من الأمور الغريبة بتعاملهم مع الأجهزة الإلكترونية الذكية بأنواعها. وضرورة تفعيل خصائص الرقابة الأبوية للبلايستيشن وتخصيصها للطفل حسب العمر، ويجب منع وصول أي رسائل من المواقع والبرامج أيا كانت براءتها.
ولابد من إدراك أن كثيراً من ألعاب البلاي ستيشن ليست ألعاباً فقط؛ ولكنها ذات منهاج تحريضي للصغار على ارتكاب الجرائم والتدمير والقتل، وتدعو بشكل غير مباشر لتبني الأساليب الإجرامية. كما أن الاختراقات لتلك الأجهزة مقصودة تقوم بإعدادها مؤسسات محترفة وليست مجرد أعمال فردية أو عشوائية، وهي أسلحة تدميرية خطيرة، وحرب فكرية يلزم الوقوف أمامها بقوة وصرامة وجدية وبمسؤولية تامة على جميع المستويات الاجتماعية والأسرية والحكومية.
وعلاجاً لهذا الخطر المقبل؛ ينبغي قرب الآباء من أبنائهم وعدم إهمالهم وتركهم فريسة لمجرمي الأجهزة والألعاب الإلكترونية، ويتحتم نشر الحب والإيثار وإغداق العاطفة الجياشة والاحترام والأخلاق والفضيلة بين أفراد الأسرة؛ كي يستهجن الطفل والشاب فكرة قتل الوالدين أو حتى إيذائهم، ويرفض تلقائياً كل ما يخالف ما تربى وعاش عليه.