ناهد باشطح
فاصلة:
((كان خلقه القرآن))
-عائشة رضي الله عنها في وصفها للرسول عليه الصلاة-
تحيرني السلوكيات الاجتماعية التي يجرّمها المجتمع في معاييره والأكثر حيرة حينما يلتزم الناس بالعيب في زمن متطور من العلم على الإنسان أن يفكر في مفهوم كلمة «عيب» قبل أن يجعلها تتحكم في مصير حياته أو علاقاته بالآخرين.
هذه الفكرة تدعوني لأن أفهم كيف يصلي الرجل جميع صلواته في المسجد ومع ذلك يمكن أن يظلم حيث لم يردعه القرآن الذي يقرأه عن الظلم؟
أو المرأة التي جلّ نشاطاتها دعوية من محاضرات وندوات تبصر الناس بدينهم بينما يمكن ببساطة أن تكيد مؤامرة لزميلتها في العمل هل هي تكذب في ندواتها ومحاضراتها؟
«حسين الرواشدة» في مقالته لا معنى للدين بلا أخلاق يذكر أنه من بين (6236) آية، هي عدد آيات القرآن الكريم، لا يوجد سوى (634) آية، حسب ابن عربي، أو 500 آية حسب الغزالي تتحدث عن الأحكام التي تشرع للعبادات والمعاملات بينما تتعلق الآيات الأخرى كلها بموضوع الأخلاق.
لكن الإشكالية أنه لا يستطيع الفرد أن يصنع الأخلاق دون مرجعية ولذلك كان الدين -لدى من لديهم دين- هو المرجعية وكانت القيم النابعة من الذات والتربية مرجعية من لا دين لهم.
ولهذا نجد الغرب يلتزم بالأخلاق حتى وإن لم يكن لدى بعضه مصدر خارجي يستمد منه الإطار الأخلاقي كالدين مثل الصين التي بها مليار ونصف بلا دين.
الإشكالية الكبرى حين تكون مرجعية الأخلاق هو المجتمع إذ يترتب عليه أن يمارس الناس الأخلاق خوفا من عقاب المجتمع ، فالأخلاق لا تنبع من ذاتهم وهنا نستطيع أن نفسر بشكل عام تناقضات بعضنا الذي حتى لو كان ملتزما بالدين لا يمارس الأخلاق، ذلك لأن أخلاقه لم تنبع من ذاته الدينية.
صناعة الأخلاق تحتاج إلى وجود القيم الدينية العالية وليس الالتزام فقط في العبادات فأمر صدقها بين العبد وربه لكن الأخلاق أمرها ممارس في الحياة ويتأثر به أفراد المجتمع.
عندما يخبرك أحدهم أن ما تفعله «عيب» أي منافي للأخلاق تأكد أن مرجعيته المجتمع وأعرافه إنما هو يلجأ للدين ليخيفك، ولأن الأعراف تتغير تجد الناس ما يعتبرونه «عيبا» في مجتمعهم يمارسونه في مجتمعات أخرى دون أي شعور بالذنب.
حقيقة أن صناعة الأخلاق لا يتقنها إلا من فهم العلاقة بين الدين والأخلاق.