ناهد باشطح
فاصلة:
«تحية لكل امرأة سعودية قررت بعلمها أو عملها أو صنعتها أو مهارتها اليدوية أن تستقل اقتصادياً، وتُحدث تغييرًا في محيطها»
- د. لطيفة الشعلان -
لم يكن يوم الأربعاء الماضي 14-10-2015 يوماً اعتيادياً، حين أقر مجلس الشورى السعودي بغالبية جملة من التوصيات الداعمة لبعض الحقوق المدنية للمرأة، إذ وافق بـ96 صوتاً مؤيداً، في مقابل 28 معترضاً.
في موقع صحافة السعوديين «تويتر» إن جاز لي التعبير انطلقت حملة ضد عضو مجلس الشورى «د. لطيفة الشعلان» باتهامها بما لا يليق بالإنسانية أو بالأخلاق وبسوقية غريبة.
«الشعلان» كانت واحدة من مجموعة أعضاء مجلس الشورى الذين تقدموا بالاقتراح، وكانوا أربعة هم: الأميرة سارة الفيصل، د. ناصر بن داود، د. لطيفة الشعلان، د. هيا المنيع.
المقترح يصب في مصلحة المجتمع إذ يُساند الكثير من النساء اللواتي تعطلت مصالحهن ومستقبل أبنائهن بسبب تحكمات رب الأسرة وعدم حصولها على وثيقة رسمية تثبت صلتها بأولادها.
ما الذي يضير المعترضون على المقترح أن تتسلم المرأة نسخة أصلية من سجل الأسرة الخاص بها، وأن تمنح حق التبليغ عن مواليدها الذي يحصره النظام الحالي في الزوج أو الأقرب من الذكور أو عمدة الحي؟
ولماذا استهدفت «الشعلان» في الحملة الشرسة في تويتر؟
«الشعلان» هي الوحيدة التي صرحت برأيها بعد إعلان النتيجة، وبذلك كانت تؤكد حضور المرأة في ذهنية مجتمع ما زال لم يتخذ قراره بعد بشأنها.
وبذلك لم تفعل الشعلان شيئاً يختلف عن الأعضاء الذين تقدموا بالمقترح، ولم تفعل شيئاً كعضوة في مجلس الشورى أمام 96 عضواً أيدوا المقترح.
إنما لأن لطيفة الشعلان تحمل في تاريخ جهودها تجاه مجتمعها إصراراً قوياً لتنوير المجتمع، وإيماناً بقيمة صوت الإعلام صرّحت برأيها إليه فاختارت فئة من المجتمع إن تعاقبها وتلوح بعصا الدين المصنع من قبل فئة تقليدية لإسكات صوتها.
في هذا المشهد يتضح تأثير العقل الجمعي الذي يُعرِّفه «دوركهايم» بأنه «يعبّر عن المعتقدات والمواقف الأخلاقية المشتركة، التي تعمل كقوة على التوحيد داخل المجتمع، مما يخلق تضامناً اجتماعياً آلياً من خلال هذا التصور المشترك والمتشابه للمجتمع».
مشكلة مجتمعنا الأزلية أنه دأب على تقديس القديم والموروث بدون تفنيده، ولذلك يبرز تأثير العقل الجمعي السلبي فيه.
وفي قراءة سريعة لما نُشر في «تويتر» حول «الشعلان» تتضح ثقافة القطيع حين يتوقف الإنسان عن إعمال عقله بالتفكير والنقد لما يقرأ أو يسمع، إنما يردد ما يعرض عليه من أشخاص يُقدِّس آراءهم، هؤلاء هم الفئة التي أسماها «نيتشة» بالقطيع الذين يسعون إلى الإبقاء على نوع واحد من البشر وتدعيمه، النوع الذي يشبهه فقط.
استمرار صوت هذا القطيع، هو ما يجب أن نجد له حلاً، أما لطيفة الشعلان وأمثالها من نساء ورجال المجتمع فإنصافهم مسؤولية الإعلام المسؤول إن وجد!!!