ناصر الصِرامي
تبذل المملكة العربية السعودية جهداً استثنائياً وكبيراً في مواجهة الجماعات الجهادية المتطرفة الإرهابية، وطالما كانت البلاد مستهدفة باستمرار من كل أنواع الإرهاب دون استثناء من الداخل والخارج على حد سواء.
لم تضرب القاعدة بلداً كما فعلت مع السعودية، وكذلك الحال مع النسخة الأكثر توحشا داعش. وهو أمر للأسف لا يتوقع له أن يتوقف، أو يتلاشى في القريب المنظور.
أصبح عنوان داعش اليوم، عنواناً لكل فعل إرهابي باسم الاسلام، أصبح هو العلامة الإرهابية في النسخة المحدثة من القاعدة، وأشقائها من التنظيمات الإرهابية التى تتحدث وتختطف الإسلام، وتحولها إلى عنوان دولي للإرهاب والقتل والتدمير.
آخر الاستهداف، والعمليات الإجرامية، كان في سيهات، لكن الجهات الأمنية السعودية أنهت هجوماً قام به إرهابي قتل في المواجهة. وكان الإرهابي الداعشي استهدف عدداً من المصلين بعد خروجهم من حسينية الحيدرية في مدينة سيهات التابعة لمحافظة القطيف شرق السعودية، بواسطة سلاح رشاش كان في حوزته، ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص بينهم امرأة، وإصابة 9 آخرين بإصابات متفاوتة.
ولو لم تواجه الجهات الأمنية الإرهابي بعد رفضه التجاوب معها لتسليم نفسه، لكانت الكارثة أكبر، وعدد القتلى بالعشرات، والجرحى أضعاف.
وتأكيداً لما أشرت له من استهداف السعودية بالعمليات الإرهابية بشكل مستمر ولعقود طويلة، فقد تبنى تنظيم «داعش» الهجوم، ونشر صورة منفذ العملية، مشيرا إلى أنه يُدعى «شجاع الدوسري». وهو من بين سعوديين يحتلون صفوفاً متقدمة في قوائم الانتحار لدى التنظيم الإرهابي، مستعدين لتحويل أجسادهم إلى أشلاء بجهل وحماسة خطيرة ومدمرة.
ولم يعد جديداً أن تكون السعودية هي المستهدفة، فالأسباب باتت معروفة ومعرفة ولا تحتاج إلى سرد وتكرار.
صحيح أن الجهد السعودي المحلي والاقليمي والدولي في محاربة الإرهاب أصبح معلناً ومدوناً، لكن علينا أن نفكر جديا الان في زيادة توسيع المواجهة الفكرية والثقافية والدينية أيضا بشكل مركز وإلى أبعد مدى ممكن.
المهم الآن هوالقفز الجاد بالمواجهة عاجلا غير آجل، الى شمولية تتجاوز الاستباق والاستعداد الأمنى الناجح، إلى الجذور الفكرية المتطرفة، والخطاب الدينى الشاذ، القائم على الطائفية وإقصاء الآخر، بل وإلغاءه، سواء كان سنياً أو شيعياً أو من ملة أخرى..وذلك أول منابعه!
هذا الخطاب هو الوقود لكل هذه الأجساد المفخخة، ولكل هذا التوحش الذي يرتد اليوم الى اقرب الاقربين، هو من ينشر فيروس الارهاب ويعيد إنتاجه بشكل أكثر فحشاً وإجراماً، و الذي أصبح ينوع في صور جرائمة وأهدافه.
ومهما حاول البعض التبرير أو الصمت أو التردد وحتى التلطف، فيجب أن نتذكر باستمرار أن خطب الجهاد الحماسية الكاذبة، وصوت التطرف الاقصائي ودموع التماسيح المزيفة، هي من يصنع الإرهاب، ويغطي فسوقه وجرائمه.
ومتطرفو ودواعش الداخل من وعاظ ودعاة مستحدثين، هم في الحقيقية أعوان الشر لإخوانهم دواعش الخارج، وهم من يمهدون لهم الأرضية في التجنيد والتمويل، وهم بالفعل - دواعش الداخل- وفكرهم وخطابهم المزدوج، أحق بالمواجهة من أجل الوطن والمستقبل والاستقرار.. إذا كنا نعني هذه القيم..!