ناصر الصِرامي
أعيش مع المصور المواطن، النسخة الجديدة والأحدث من «المواطن الصحفي»، أكثر مما أفعل مع كل مؤسسات الإعلام ووسائلها، وكذلك بفعل غالبيتنا اليوم مع كل منصات التواصل الاجتماعي بمحتوها الفوري، وتصل تقديرات عدد ساعات المشاهدة التلفزيونية عالميا بين 2-4 ساعات يوميا، وتسجل الولايات المتحدة العدد الأكبر من معدل متوسط المشاهدات اليومية للشاشات الكبيرة - التلفزيون-، فيما تسجل معدلات التفاعل والتصفح لوسائط التواصل الاجتماعي ووسائله عدداً أكثر من هذه الساعات، ولا تقل في حدها الأدني عن أربع ساعات يومية، وأعتقد أننا في السعودية تحديدا نضاعف هذه المعدلات بشكل أكبر، وذلك بحكم محدودية وسائل الترفيه الاجتماعي في البلاد، ورغم غياب دراسات تقديرية في هذا الصدد، إلا أنه يمكن لنا ملاحظة هذا التواصل التام عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون استثناء في مجتمعنا، والحقيقة أننا لابد وأن نسلم في كل فتح جديد بسلطة التقنية.
قال أوباما في خطابه أمام الأمم المتحدة في جمعيتها العمومية-، حول المؤامرة والتقنية، إن ما يحدث في المجتمعات اليوم ليس مؤامرة، إنه صوت التقنية وتطورها، والتي تتيح للبشر التعلم والتفاعل والتعبير والنقد والمطالبة بالتغيير.
وهو أمر يحدث من روسيا إلى استراليا إلى أدغال أفريقيا وغابات أمريكا اللاتينية، وأقصى قرية في آسيا.
تحول حاسم نحو تأثير الصورة المتحركة في هواتفنا الذكية- في جيوبنا، بتواصل يتفوق على كل إغراءات اللغة والكلمات.
وإذا كانت الصورة عن ألف كلمة - كما نردد دائما-، فإننا يوميا أمام لقطات لا تتجاوز ثلاثين ثانية (30 ثانية)، تتفوق في حقيقتها على مئات الصفحات، وقد تنافس لقطة واحدة في ثواني مصورة من هاتف متحرك لا تتجاوز قيمته ألف ريال،على ملايين الدولارات أو الريالات من حملات العلاقات العامة، أو تصيبها بضرر بالغ، وقد يوجه هشتاق واحد في 140 حرف من التفاعل الضربة القاضية لمسئول أو مؤسسة!
تحول مهم يجب أن نأخذه بجدية، يضاف ويتفوق على الترفيه والتسلية وحسب، لكن المشكلة دائما أننا لا نرصد لهذه التحولالت ولا نقيم قدراً لدراسة الاتجاهات الجديدة، حيث العادة أن نتعاطى معها نستخدمها بشكل تلقائي يقترب من اللامبالاة.
صحيح ان هناك بعض اللقطات تفضح الجهل والتقصير ومستويات محرجة احيانا لبعض التخلف،وفي المستويات كافة .
لكن هذا لا يهم، هذا مجرد جزء من التشويق الفاضح للجهل والناقد له، حتى دون أن يدرك حامل وعاء الجهل ذلك، ويمارس استعراضا تهريجيا مخجلا لأفكاره.
ما يحدث بشكل عام، وبفضل تطور منصات التواصل البشري والإنساني عبر منظومتنا الحديثة من الاتصالات والتقنية المتنافسة في تطورها هو في الحقيقة جزء من «مؤامرة» التنوير التقنية.
جزء رئيس من تطبيقات تتكاثر بشكل فعال ومغرٍ لزيادة هذا التواصل وحق التعبير، وأيضا إذابة الخصوصية.. أشياء سيزداد إيقاعها مع كل فتح تقني جديد يأخذنا لعالم افتراضي يعكس الواقع بكل قبحه وجماله، نفاقه وإخلاصه، خيره وخبراته.. شره وفحشه..!