ناصر الصِرامي
قدم أعضاء مجلس الشورى: الأميرة سارة الفيصل، والدكتور ناصر داود والدكتورة هيا المنيع والدكتورة لطيفة الشعلان، مقترحًا بشأن تعديل بعض مواد نظام الأحوال المدنية.
اقترح الأعضاء عددًا من التعديلات الطبيعية، في مقدمتها تأكيد مبدأ حماية حقوق المرأة، كما نصت عليها أنظمة المملكة. وبالتالي تعزيز مواطنة المرأة السعودية، من خلال عدم التفريق بينها وبين المواطن في الحقوق، وكونها مواطنة مكتملة الحق في المواطنة وواجباتها كقوة دافعة تشكل نصف قوة المجتمع.
بهدف تجاوز مرحلة إجحاف تلك الحقوق، مثل الحصول المباشر على الوثائق الوطنية، ورفع الأضرار المترتبة على عدم حصولها على دفتر عائلة مستقل. وحفظًا لكرامتها من الاستجداء للحصول على هذه الوثائق. كما منحها وثيقة رسمية تثبت صلتها بأولادها، وحماية المحاضر الرسمية من التزوير في الأحوال الشخصية بشكل ينتهك حقوقها الطبيعية. وكلها أمور تبدو طبيعية وواجبة، لكل إنسان عادي..!
فمن غير الطبيعي -مثلاً- أن تحرموا تمنع ولاية الأم على أطفالها القصر بعد وفاة الأب، أو اشتراط موافقة ولي الأمر لحقوقها التلقائية عند التحاقها بالمدرسة والجامعة أو العمل، وحتى حصولها على بطاقة الأحوال المدنية، أو حتى حق الأم في التنقل والسفر، أو منح غيرها حق وسلطة تطليقها لعدم كفاءة النسب..!
كما أنه ومن غير المقبول أن تكون المرأة - الأم عرضة للابتزاز عبر اشتراط الوكيل، أو ولي الأمر في الأمور المالية. ولتحقيق حماية حقيقة لها بالمجمل فإن إصدار قانون الأحوال الشخصية الذي يضمن حقوق الأم في الأسرة وقدرتها على تقرير مصيرها، أصبح أمرًا واجبًا في ظل الظلم والغبن الذي تتعرض له الأم السعودية..!؟
وأمامنا أيضًا حقها كأم ومواطنة سعودية في نقل جنسيتها إلى أولادها وزوجها، وهي أمور تتعلق بممارسة الأحوال الشخصية والحماية لها، وهذا هو ما يحقق فعليًا مفهوم الكرامة للمرأة، لا تركها وسط رياح الجور الاجتماعي أو بعض العادات والتقاليد الظالمة، أو فريسة للجهل والاستغلال في محيط اجتماعي يلزمها بالسكون والصمت!
لكن المعارضين بشكل غريب لكل ما يخص حقوق طبيعية لأمهاتهم وزوجاتهم واخواتهم، المعارضين لكل توجه إيجابي يمنح المرأة السعودية بعض حقوقها، يجيدون خلط الأوراق والرسائل، لتبدو تلك المطالبات الطبيعية مؤامرة غربية وشرقية تخريبية.
ومنهم من هو مستعد للكذب والتلفيق من أجل وهدف بسيط، وهو أن تبقى المرأة تحت وصاية الذكر كان طفلاً أو شابًا أو رجلًا ولو مختلاً عقليًا!
تشويه يصدره البعض حتى حين يكون الموضوع متعلقًا بجملة واسعة من الاتفاقات الدولية.
في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة اعتمد العالم رسميًا خطة جديدة طموحة للتنمية المستدامة، وقد أطلق على الخطة التي وافقت عليها 193 دولة عضوًا بالأمم المتحدة.. تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة 2030 التي تضم 17 هدفًا للتنمية المستدامة و169 غاية لمتابعة وقياس تنفيذها.
ومن بين أهداف التنمية المستدامة القضاء على الفقر، والصحة الجيدة والرفاهية، وضمان التعليم الجيد للجميع، وضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي، والحصول على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة بتكلفة معقولة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتوفير العمل اللائق، وإقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع، وتشجيع الابتكار، والحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها، والاستهلاك والإنتاج المسؤولين، واتخاذ إجراءات للتصدي لتغير المناخ، ووقف تدهور الأراضي، والسلام والعدل والمؤسسات، تعزيز وتنشيط الشراكة العالمية..الخ..
وهي أمور ومبادئ طبيعية يتشارك فيها البشر على هذا الكوكب، إلا أن البعض وكما فعلوا أيضًا مع مقترحات أعضاء مجلس الشورى، فقد كان الاهتمام دائمًا والنقد والتشوية يوجه إلى هدف وحيد من تلك الجملة من الأهدف، وهو: تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات..
وكالعادة يصدر الهجوم عن جهل بغطاء ديني للأسف... فالهدف باستمرار أن تبقى المرأة - حبيسة وسجينة للسطوة، قابعة مباشرة تحت سلطة الجهل، ومحرومة من أبسط حقوقها الطبيعية، بما فيها - مثلاً- حق التنقل عبر قيادة السيارة.. وهو حق يسبق التعليم والصحة.
إذ كيف لها أن تصل لهذه الحقوق وهي محرومة من حرية التنقل، إلا بوجود سائق يتحول إلى ولي أمرها.. أو العكس..!