ناصر الصِرامي
في كل حادثة قصة، وفي كل مرحلة تكشف لنا عورة، بل عورات!
ألقى الأمن السعودي القبض على «سبية» فلبينية مع عضو «داعش» السوري الجنسية ياسر محمد البرازي، الذي تم توقيفه في الرياض، مما يشير إلى أن التنظيم نقل ممارساته في العراق وسوريا إلى العاصمة السعودية.
فمن شمال العراق وشمال شرقي سوريا إلى وسط السعودية.. انتقل مفهوم السبي لدى أفراد من تنظيم «داعش» إلى الرياض تحديداً.
عاملة من جنسية آسيوية غير مسلمة، هربت من مكفولها لتقع في يد شاب يحمل فكر التنظيم، أقنعها بدخول الإسلام، وصور لها أن الدين يمنحها صفة السبية، أي يحل له معاشرتها، وأيضاً تقوم على خدمته، فضلاً عن تنفيذ مهام تخدم التنظيم في السعودية.
وفي محاولة منه لإبقاء الأمر في طي الكتمان، هدد العاملة وبث في داخلها الرعب، أي في حال علمت عنها الجهات الأمنية، فلن ترحمها وستقوم بتعذيبها.
والسوري المقبوض عليه اتخذ من الفلبينية «ليدي جوي» سبية أسكنها معه، حيث تولت خياطة وتجهيز الأحزمة الناسفة، وقد تم ضبط حزامين ناسفين معدين للتفجير.
والسبايا يعتبرهن التنظيم من الغنائم، ويجيز شراءهن أو بيعهن أو تقديمهن كهدايا، وهذا ما حدث بالتحديد مع نساء الإيزيديين في شمال العراق، وأيضاً في الرقة السورية، عندما أغار عليهم التنظيم، واقتاد المئات من نسائهم، واتخذهن كسبايا، عبر توزيعهن على مقاتليه وبيعهن في سوق النخاسة.
تستر باطار ديني شكلي مفعم بالجهل القبيح. انها حالة او قصة تتكرر.
اكتب هذا المقال، وانا اتذكر عشرات المقالات التي كتبتها عن تنظيم القاعدة والذي ضرب مدننا وشوارعنا وحرك خلاياه النائمة الارهابية للقتل والتدمير والارهاب في وطننا، طوال العقد الاول من هذه الألفية، حينها كان المشهد مخيفاً، كان قريباً منا، لكن الطالبانيون والقاعديون ومن تبعهم كانوا الاكثر دفاعا وتأويلا وتبريرا لذاك الارهاب بكل افعاله المنكرة والكبيرة في حق الوطن والاهل.
كونهم يرون في القاعدة أملاً، وفي زعيمها الهالك اسامة بن لادن شيخا وبطلا، وفي خلاياه النائمة بصيصا من كذبة اسموها «الجهاد».
حينها كان التبرير عملاً مباركاً ينفذه دعاة ومشايخ معروفون، وفيما كانت القاعدة تضرب بعنف في مدن السعودية، كانت المنابر المحرضة صامتة او متواطئة بشكل مؤلم، بل كانت السهام تتوجه إلى أي معتدل يحاول أن يفضح هذا المارد الإرهابي الشيطاني الضال.
هؤلاء المقاتلون المجرمون المأجورون من قاعديين ودواعش أو غيرهم، ليسوا إلا عناصر قتالية مرتزقة يمكن التلاعب بهم دينيا ومذهبيا، وهي مهمة سهلة بحكم الجهل التام والمتراكم، ويمكن لشيخ انتهازي و بحديث موضوع او مرفوع ان يقلب قلوبهم ذات اليمين وذات الشمال.
طبعاً ولو تكرر الموقف بعد عشر سنوات من الآن وظهر لنا تنظيم «حماري» جديد بنفس الشكل والمواصفات، ستجد القاعدي الجديد، والداعشي الآن، اصبح حماري التنظيم، وستجد نفس المتعاطفين ونفس الممولين ونفس المدافعين ونفس المتهجدين!
فالوضع خطير اليوم، خصوصاً وان هناك افغانستان ثانية تحضر بالقرب منا جغرافياً هذه المرة.. هناك في الشمال في سوريا، حيث بدأ البعض، بعض ممن يسمون «مشايخ» بضرب طبول جهاد الروس في سوريا...!
بصراحة موجعة.. لن يتغير شيء كثير، والسبب البسيط ان البنية الفكرية المتخلفة وعياً، لم يهدم الكثير من حصونها التقليدية، ولم يتم مواجهتها فكرياً بوعي حر ومنفتح بما يكفي..!