يوسف المحيميد
قبل أربع سنوات، تحديداً في منتصف عام 2011، أطلقت وزارة الثقافة والإعلام مهرجان الفرق المسرحية الأول، والذي تشارك فيه الفرق المسرحية بمختلف مناطق المملكة، ويدعم شبابها المهتمين بالمسرح، ورغم نجاحه آنذاك، والاحتفاء به، إلا أنه انطفأ، ولم يقم في دورته الثانية، كمعظم أنشطة الوزارة، الوزارة المعنية بالإعلام فحسب منذ نشأتها، ولم تستطع أن تنجز مشروعات ثقافية دائمة، رغم تسميتها قبل سنوات، كوزارة للثقافة والإعلام!
ورغم أن أول وزير للثقافة والإعلام الأستاذ إياد مدني، وذراعه الدكتور عبدالعزيز السبيل قد وضعا الأسس واللبنات الأولى لمشروع ثقافي طويل، إلا أن وزاراتنا، كالعادة، لا تعمل كمؤسسات دولة ذات خطط استراتيجية طويلة المدى، وإنما تعمل بمشروعات شخصية تنتهي بمجرد خروج هذا الوزير أو الوكيل من وزارته، خاصة الثاني الدكتور السبيل الذي خرج باكراً، في وقت كانت الثقافة بحاجة ماسة إليه، وإلى أفكاره وانفتاحه على مختلف أطياف المثقفين في المملكة.
أذكر أنني تشرفت مع عدد كبير من المثقفين بالمشاركة في مناقشة الاستراتيجية الثقافية للمملكة، وذلك قبل سنوات في مدينة جدة، واستبشرنا بأننا أخيراً سنصنع ثقافة حقيقية مدعومة، بخطط، وليست عشوائية مرتبطة بالأشخاص، ثقافة تنهض بصناعة الكتاب والنشر والأنشطة المنبرية والمسارح والمعارض التشكيلية والفوتوغرافية، وغيرها مما يخرج المجتمع، وبالذات فئة الشباب، من أفكار التشدد والانغلاق، خاصة أن الفكر والثقافة والآداب والفنون هي الوسيلة الأبرز والأهم لخلق بيئة الحوار والتسامح في المجتمعات على مر التاريخ.
عوداً إلى مطلع المقال، ومهرجان الفرق المسرحية الذي أطلقته الوزارة، ثم توارى بعد ذلك، لسنتين متتاليتين، ليعود في العام الماضي إلى بيته الأول، أعني الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بإقامة الدورة الثانية له، ويستمر أيضاً في دورته الثالثة التي انطلقت الأربعاء الماضي، بما يوحي أن الرئاسة جادة في تبنيها للمسرح بعقد هذا المهرجان سنوياً، وهي خطوة مهمة للغاية، لكنها تحتاج إلى خطوات أعمق، ودعم أكبر كي يعود المسرح أباً للفنون جميعاً، بعد أن عانى من كونه مجهولا من قبل الشباب، من غير المهتمين به!
ولكي يعود المسرح بقوة، على شبابه والمهتمين به، عدم الاكتفاء بدعم الرئاسة، والبحث عن رعاة وداعمين كبار، من الشركات الكبرى والبنوك التجارية، وإقناعهم بأهمية المسرح وضرورته، من خلال التسويق الجيد له، وحصد أعلى الأرقام في الحضور الجماهيري، حتى لو تطلب الأمر تنظيم مسرحية أو مسرحيتين، يشارك فيها كبار الممثلين الكوميديين الخليجيين والعرب، وذلك على هامش المهرجان... فالمسرح وغيره من الفنون والآداب هي الوسيلة الوحيدة لخلاصنا، فاهتموا بها، لصنع جيل يتذوق الجمال، ويؤمن بالتعدد والاختلاف، ويتصف بالحوار والتسامح.