يوسف المحيميد
انتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع فيديو، تمثل حوارات بين دعاة وملتحين وتائبين وغيرهم، احتوى بعضها على إيحاءات جنسية، بعضها يشير إلى علاقات مثلية، حتى وإن كان ذلك على سبيل الضحك والمزاح؛ لأنها لم تكن لائقة أمام جمهور يضم مختلف الأعمار، ومختلف درجات الوعي المتباينة!
وليت الأمر توقف عند ذلك، بل أكد بعض المغردين أن هؤلاء هم ممن يلقي محاضرات دينية في مدارس التعليم العام، المتوسط والثانوي، وهو يحمل مثل هذا الفكر، والإيحاءات الجنسية، فكيف يستقبل جيل مراهق مثل هذه الإيحاءات؟ خاصة أنه يذهب إليهم، ويجلس أمامهم وجهاً لوجه. فالأمر لا يتعلق بمقاطع منتشرة في اليوتيوب، يصعب السيطرة عليها، وإنما محاضرة مباشرة!
من هنا أتساءل: مَنْ الذي يمتلك صلاحية منح هؤلاء الوقوف أمام جيل من المراهقين، ويطلق مثل هذه العبارات البذيئة؟ هل ثمة إدارة في وزارة التعليم هي من تمنح الموافقة على عقد مثل هذه المحاضرات؟ ولماذا لا تعود إلى تجارب هؤلاء وقدرتهم على إلقاء محاضرة قيّمة؟ ثم لماذا الإصرار على الدعاة فقط، كما لو كان هؤلاء التلاميذ غير مسلمين؟ لماذا لا تقوم وزارة التعليم بدورها كما يجب، وتفعل مثل وزارات التربية والتعليم في جميع دول العالم، بأن تبحث عن أصحاب التجارب الملهمة، من رجال أعمال ولاعبي كرة وفنانين وأدباء، ممن يقدمون نموذجاً مشجعاً في العمل الدؤوب الناجح، الذي صنع منه هؤلاء نجاحهم على المستوى الاجتماعي؟ وكذلك التجارب المبدعة من علماء ومخترعين في مختلف المجالات، خاصة أن هناك من بين السعوديين كثيراً من التجارب العلمية المتفوقة في العالم. هؤلاء لو وقفوا أمام التلاميذ، وتحدثوا عن طفولتهم وبداياتهم، ثم نبوغهم وكيف نجحوا في العالم، سيمنحون هؤلاء التلاميذ طاقة رائعة للتفوق والنبوغ، وقبل ذلك البحث عن الذات، بدلاً من الثرثرة المجانية التي يلقيها ممن يسمى بالتائبين، كما لو كان كل هؤلاء التلاميذ والطلاب هم من المذنبين، ومرتكبي الكبائر!
علينا نحن أولاً، وعلى من يتولى مسؤولية أبنائنا في مدارس التعليم العام، أن يدرك أنهم مسلمون، نشؤوا في بيئات إسلامية محافظة ومعتدلة، ووضعهم أهاليهم في ذمة هؤلاء المدرسين، من أجل تعليمهم وشحذ هممهم، ومنحهم الطاقة الكافية ليكتشفوا ذواتهم، وليبدعوا في مختلف المجالات العلمية والثقافية والفنية، لا أن يهدر وقتهم في الإنصات لتجارب رديئة، تعبّر عما فيها من خلال كلمات بذيئة، معيبة، نخجل أن نسمعها في أماكن عامة، فكيف في بيئات تربية وتعليم وتثقيف؟