يوسف المحيميد
حينما وافق مجلس الشورى قبل أكثر من عام على مقترح رفع سن التقاعد النظامي إلى 62 عاماً، كانت المؤسسة العامة للتقاعد تعاني في تقرير تم نشره عن عجز، أشارت إلى أنه جاء بسبب ارتفاع نسبة المتقاعدين مبكراً من مشتركيها، رغم أن هذه النسبة لا تزيد كثيراً عن ربع المشتركين في المؤسسة، مما يشير إلى أن ثمة سوء في إدارة أموال المؤسسة واستثمارها، خاصة أنها تضم الموظفين المدنيين والعسكريين والمعلمين، وهم قطاع ضخم في المجتمع، ومثل هذه المليارات يمكن أن تصنع رفاهية عالية لهؤلاء المتقاعدين، بدلا من أن تتبنى المؤسسة زيادة نسبة الخصم بمقدار خمسة بالمائة على المدنيين، وسبعة بالمائة على العسكريين، في محاولة منها لسد العجز من أسهل الطرق وأيسرها!
ماذا يحدث في المؤسسة العامة للتقاعد؟ لماذا لا يتم الكشف بشفافية عما يحدث؟ لماذا لا ترسل المؤسسة تقريراً مالياً واضحاً وشفافاً وشجاعاً، لجميع الجهات الحكومية، تتناول فيه استثمارات المؤسسة، ليس في السنوات القليلة الماضية فحسب، وإنما خلال تاريخها الطويل، وكيف استثمرت هذه الأموال المقتطعة من رواتب الموظفين، سواء في القطاع المدني أو العسكري، فمن حق هؤلاء الموظفين، مهما صغرت وظائفهم، معرفة ما جرى في الأموال القليلة المقتطعة من رواتبهم على مدى سنوات عملهم الأربعين أو أقل من ذلك!
طالما أن المؤسسة العامة للتقاعد تُمارس مثل هذا الصمت، فهي تشكك في كفاءة إدارتها لأموال المتقاعدين، ومثل هذه الشكوك التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، كالنار في الهشيم، كالقول ضمن الإشاعات بأن المؤسسة استثمرت هذه الأموال في سوق الأسهم السعودي، مما جعل هذه المليارات تطير بها الريح في نهار غامض من 26 فبراير 2006 ضمن ما يزيد عن ثلاثة تريليون ريال فقدها السوق في انهيار كارثي لن ينساه السعوديون ما عاشوا... فمثل هذه التكهنات لا زالت تُثار بين الفينة والأخرى حول مستوى أداء مؤسسة مالية عاشت لعقود طويلة وهي تقتطع من رواتب السعوديين أموالاً، لتقوم بتعويضها لهم، عند تقاعدهم، وذلك بتوفير حياة كريمة لهم!