يوسف المحيميد
رغم اختفاء صوت المعارضة في سوريا، وغياب ما يسمّى بالجيش السوري الحر، الذي كان ملء السمع والبصر مع بداية الثورة السورية عام 2011، إلاّ أنه عاد هذه الأيام من جديد، وتحديداً مع بدء الضربات الجوية الروسية، وأصبح يهدد علناً بأنه سيضرب القواعد الروسية في سوريا، في إشارة إلى منح الروس فرصة أكبر لينهش ما يريد ومن يريد، ومما تبقى من الجسد السوري المتهالك!
كأنما عودة بث تصريحات كهذه، باسم الجيش الحر، تعني إعطاء المزيد من التبرير للتدخل الروسي في الشأن السوري، وكأنما شعرت روسيا بأنه ليس ثمة جدوى من مجرد الدعم السياسي والتسليح للنظام السوري، بل لابد من التدخل المباشر، الذي يريد القول بأنّ قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لم يحقق شيئاً ضد الإرهاب، رغم أنّ الضربات الجوية الروسية لم تنل من داعش إلاّ بما لا يزيد على 5% فقط من هذه الضربات، ليعلو السؤال المهم، من استهدفت إذاً 95% من الضربات الجوية الروسية؟ المعارضة وجيشها الحر؟ جبهة النصرة؟ أم من؟
يقول الرئيس الأمريكي بأنّ روسيا تغامر في الدخول في المستنقع السوري، ليعلو سؤال آخر، خانق ومر، من خلق هذه المستنقعات، في الدول العربية، وبالذات سوريا والعراق؟ من عبث بالعراق عام 2003 وفسح المجال لوكلاء إيران في بلاد الرافدين كي يلوثوا دجلة والفرات؟ وهل ستقوم روسيا بالدور ذاته في سوريا، تماماً كما فعلت أمريكا بالعراق، وتركته في مهب الريح الفارسية؟
رغم أنّ العالم كله، ما عدا روسيا وإيران، يرى أنّ الأسد يجب ألا يكون له دور في مستقبل سوريا، ولا حتى في الحكومة الانتقالية، إلاّ أنّ الإصرار الروسي على تواجده وحماية نظامه، منحه المزيد من القتل والتهجير لشعبه، ومنح الفرصة أيضاً لتقوية التيارات المتطرفة التي نبتت صغيرة، ثم بدأت تنمو وتكبر وتحتل المدن السورية، واحدة تلو الأخرى، وها هي تستخدم القوة العسكرية في سوريا، مما يجعل الحرب تطول أكثر، والتهجير أو التطهير العرقي يزداد، حتى أصبحت قضية المهاجرين السوريين إلى أوروبا، من أكثر القضايا تعقيداً وغرابة!
إلى أين ستذهب روسيا في مغامراتها تلك؟ وماذا ستسفر عنه؟ هذا هو السؤال الأبرز، هل ستفضي إلى مزيد من القتل والتدمير؟ أم تهجير من تبقى من السوريين إلى دول أخرى لتصبح أكبر مشكلة لاجئين في العالم على مر التاريخ؟ خاصة مع عدم المبالاة من الشرق والغرب بما يحدث في المنطقة العربية، بينما لم تُحل أي قضية عالقة بإيقاف الحرب، وفرض الحلول الدبلوماسية!