هاني سالم مسهور
ليس من إضافة جديدة لتذكير القارئ الكريم بمدى ارتباط خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بالثقافة، فلقد عرفته الثقافة منذ سنوات طويلة رفيقاً لها محباً للقراءة في مختلف المجالات،
هنا لا نضيف شيئاً بمقدار أن نشعر بما أضيف للمكتبة العربية في ظل فترة حكم الملك سلمان، فالموسوعة اليافعية التي قدمتها العاصمة السعودية الرياض تعد إضافة جديرة بالاحترام للمملكة العربية السعودية ودورها في ريادة الفكر والثقافة العربية، كما أنها ترسم ملمحاً من ملامح سلمان الثقافة، وهي البُعد الأعمق والأكثر أهمية فاهتماماته ـ يحفظه الله ـ بهذه الناحية تعد جزءاً من خصاله التي تواكبها نهضة متوالية للمملكة.
مع الذكرى الخامسة والثمانين لتوحيد المملكة العربية السعودية تم تدشين الموسوعة اليافعية دلالة أخرى تضاف لبلاد حرصت منذ عهدها الأول على رعاية الفكر والثقافة والعلم، ما أسسه المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود هو نهج وأسلوب نراه اليوم في ثماني وعشرين جامعة ومئات المعاهد وآلاف المدارس، ومؤتمرات ومعارض علمية على مدار السنة الواحدة تمكيناً ثابتاًَ لأرض نزل بها الوحي فاحتضنت الحرف العربي وتقدمت بحكم موقعها ودورها الآخرين فكانت لها الريادة الثقافية.
« الموسوعة اليافعية « هي جهد سنوات طويلة زادت عن العشر، وهي ثمرة فكرة صحيحة ليست مدفوعة لناحية التعصب، وليست مكتوبة لأجل التكسب، بل هي فكرة إرادة لحفظ موروثات القبيلة وفق منهج بحثي صحيح دوافعه حفظ الأثر، بل أضيف هنا: إن من بين الدوافع الحقيقية إطفاء كل فرصة ممكنة لإذكاء ضغينة ممكن أن تكون بذرة للنزاع بين الأفراد، لذلك فإن المنهج الصحيح والالتزام الأخلاقي بمنهج البحث يؤدي حتمياً لنتائج تجمع عليها القبيلة وتؤلف بينها، وتكون وسيلة اجتماع لا تفرق.
الموسوعة هي كتاب ضخم يعرّف بقبيلة (يافع) الحِمْيرية - إحدى أكبر القبائل في جنوب الجزيرة العربية - ويدرس تقسيماتها القبلية، وأنساب فخائذها وبيوتها، ويعرّف بجميع قراها وجبالها وأوديتها ومعالمها وأعلامها ومواطن استقرار أبنائها في مهاجرهم. وهذا الكتاب هو الأول من نوعه إلى الآن في المكتبة العربية، إذ لم يُكْتَب عن قبيلة من قبائل العرب كتاب في حجمه وشموله وتفاصيله، وبدأ العمل في مشروع هذه الموسوعة سنة 2003م، ومر بعدة مراحل وتطورت فكرته، وركز القائمون عليه على منطقتي (يافع) و(حضرموت) كمرحلة أولى للعمل، على أن تتوالى في المستقبل بإذن الله دراسات عن قبيلة يافع في بقية المواطن التي هاجروا إليها.
عندما تحتفي المكتبة العربية بمثل هذه الإضافة، فإننا نعتبر أن رصيدنا المعرفي بخير، وأن هذه البلاد المباركة تؤكد نهجها في إرفاد الثقافة العربية نوعية معرفية جديدة تفتح من خلالها لكل أبناء القبائل العربية مجالاً يحتاج إلى المخلصين والقادرين فكراً والتزاماً بإثراء الثقافة العربية لما يسهم موضوعياً في تدوين المعالم والأعلام بدون مزايدات لن تكون مبررة لغير الفُرقة، ولذلك يبقى منهج البحث وأمانة الباحثين موضع الأهمية الكاملة تجاه أن تتقدم القبائل الأخرى بأعمال تؤصل حضارتنا العربية الأصيلة.
إن إخضاع المادة العلمية لاختبارات التدقيق من المختصين حتى من خارج أبناء القبيلة هو منهج موضوعي يحقق النتيجة الثابتة ويؤكد حرص القائمين على هذا العمل، لذا، فإننا أمام حصيلة جهد مشترك ومتكامل لفريق عمل متناغم ومنسجم وضع على عاتقه مسئولية النجاح والأمانة العلمية مُنذُ انطلاق العمل وحتى ظهوره في حفل تدشين كبير احتضنته الرياض بيت العرب العامر وفي زمن سلمان الحزم والعلم.