هاني سالم مسهور
جدير بالإعلام العربي أن ينظر بعيون صحيحة إلى الأنموذج الحي في مدينة عدن وكل المناطق المحررة في اليمن، أجزم أنّ الإعلام العربي لو أمعن مدققاً في عدن وحدها لاستطاع أن يبعث للشعوب العربية رسالة لم تكن مألوفة يوماً ما في أيام العرب الطويلة المسكونة بالأزمات المتوالية، فالحالة الشعبية تجد كثيراً من الامتنان تجاه التحالف العربي منذ أن بدأت العمليات العسكرية في 26 مارس 2015م، استجابة لنداء الرئيس اليمني بعد الانقلاب الحوثي ومحاولتهم احتلال مدينة عدن مما أدى للتدخل العسكري في اليمن.
المزاج الشعبي في العاصمة عدن لم يكن يوماً في تاريخ شعبها حتى خلال فترة الاستعمار البريطاني يشعر بهذا الانتماء نحو عروبته، حالة الانتشاء الداخلي ليست مصدرها الانتصار العسكري الحاسم على الانقلابيين الحوثيين وشريكهم المخلوع صالح فحسب، بل إن سبب تلك النشوة هو أن القوات العربية حوّلت وجه المدينة بالكامل، فلقد استبدلت سريعاً المدرعات والآليات الحربية بأخرى آليات وشاحنات في قطاعات التشييد والبناء، هذه المشاهد عوّضت سكان عدن عن فترة الاحتراب والتهجير واستبدلت خوفهم وجوعهم إلى أمن واستقرار.. وإن لم يكتمل بعد.
هذه الحالة الرائجة وجدت انسجاماً كاملاً منذ 14 يوليو وهو التاريخ الذي بدأت فيه عملية تحرير عدن، وحتى نزول الطائرة السعودية الأولى في المطار عرفت المدينة أنها بدأت تشكل ملامح جديدة غير تلك المألوفة والتي كستها على مدار نصف قرن من الزمن عاشت فيه بؤساً وشقاءً.
تحوّلت مدينة عدن منذ تحريرها لورشة كبيرة من أعمال البناء والإعمار، أعمال الكهرباء التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة خففت جزءاً كبيراً من الصعوبات التي يعيشها الأهالي، ومع توالي سفن الإغاثة المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة، توفرت الكثير من الأدوية والأغذية ووجد السكان ما يغنيهم عن الحاجة، في ظل ظروف قهرية لا يمكن تجاوزها لولا أنّ الله تعالى سخّر قيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لتقديم هذا السخاء الإنساني الكبير، وكان لزاماً أن يحاول الناس في عدن أن يردوا هذا المعروف شكراً لمن قدم وأعطى وبذل، فخرجت المبادرات الشعبية التي تمثلت برفع أعلام دول التحالف في الشوارع وعلى المنازل، وتوجت بانتهاز فكرة شعبية تمثلت في تشكيل لجنة تنظيمية رأسها مختار اليافعي من الرياض وقاسم البكري من أبوظبي، ووجدت دعماً من الشيخ حسين بن شعيلة التي واكبت احتفالات المملكة العربية السعودية بيومها الوطني، فاكتست المدينة بعشرات اللوحات التي عبرت عن الشكر والامتنان للملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وللشعب السعودي، على ما قدموه من مساعدات ملموسة، كما أن أول أيام عيد الأضحى المبارك شهد إطلاق حملة «شكراً إمارات الخير» التي توافقت مع برامج الهلال الأحمر الإماراتي التي أدخلت البهجة والسرور على أطفال مدينة عدن.
ما قدمته السعودية والإمارات هو تحقيق حقيقي لرغبة الشعوب العربية كلها في معنى التضامن والنصرة والتآزر الذي افتقدته تلكم الشعوب، لذلك فإنّ المشروع الكبير الذي تقوده دول التحالف العربي في الحفاظ على الأمن القومي العربي عبر استعادة اليمن وترسيخ الأمن والاستقرار فيه، عبر الشرعية التي نواتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.