هاني سالم مسهور
فيما كان الانقلابيون الحوثيون وشريكهم المخلوع صالح يستعدون للاحتفال بإتمام عام كامل على إسقاطهم العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، التحق الرئيس عبد ربه منصور هادي بنائبه ورئيس الحكومة اليمنية خالد بحاح الذي استبقه إلى عدن، لإثبات كامل المشروعية السياسية للدولة اليمنية ووجودها في الأراضي المحررة على امتداد أرض الجنوب، وتأكيداً مطلقاً على نجاح عملية « عاصفة الحزم « واستعادة اليمن من يد الانقلابيين، بل إن الأهم هو أن المنظومة العربية حققت إنجازاً غير مسبوق في التاريخ العربي.
ما تمثله عودة الرئيس اليمني إلى عدن هي مسألة تحتاج إلى وقفة كبيرة عند الشعوب العربية بمختلف طبقات هذه الشعوب، لتعي أن استعادة اليمن وقطع الذراع الإيرانية العابثة، كان بمثابة مشروع يقوم عبر التزام بالثوابت القومية التي حرص فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -، على إظهارها بالشكل الذي يجب أن تكون بالقيام بالواجب الحقيقي الذي لو أننا في العالم العربي استحضرناه على مدى تاريخنا في الخمسين عاماً المنصرمة، لما حصل للعالم العربي هذه الحالة من الضعف والتشتت.
قد نكون نكرر ما حدث بقرار المملكة العربية السعودية تدخلها في اليمن واستجابتها لنداء الاستغاثة، لذلك نرى أن الأهم هو البناء الحقيقي على 21 سبتمبر 2015م، الذي نؤسس من خلاله لبناء دولة اختطفت ودمرت وشرد أهلها وقتل الآمنين فيها، هنا مفصل هو الأهم والأجدر من كثير استطرادات تبني على ما حصل في ميراث بائس، لن يحصد منه اليمنيون وحتى جيرانهم حصاداً فيه خير، لذلك فإن ما تحقق من انتصارات على الأرض بقيادة التحالف العربي، جدير بأن يكون تأسيساً ليمن لم يحصل منذ ثورتي 1962م شمالاً و 1963م جنوباً، شيئاً من استقرار سياسي وأمني، فالحصاد كان مريراً صعباً على الشعب الذي استفاق على إعادة أمل في إطار كبير لاستعادة اليمن المخطوف.
في هذا الإطار، ومن ناحية استعادة الأمل، هناك جهد يبذل بقيادة الحكومة اليمنية التي قررت بعد التنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة ومركز الملك سلمان للإغاثة، إطلاق العام الدراسي في الثلث الأول من شهر أكتوبر كخطوة صحيحة ناحية بناء اليمن ومستقبله واستيعاب أبنائه للمرحلة القادمة، هنا خطوة لافتة تستحق الإشادة عليها، فقرار خالد بحاح يؤكد أن هذا الرجل يمتلك رغبة حقيقية للسير نحو البناء مبتعداً عن تعقيدات الماضي ومشاكله الميؤوس من إيجاد حلول سريعة لها في ظل تجاذبات حزبية متواصلة.
النظر ناحية استيعاب المقاومة الجنوبية والتفاهمات المتواصلة مع قيادتها، هو أيضاً واحد من تلك الإسهامات المهمة التي تجدر الإشارة إليها، خاصة وأن قيادة المقاومة تلقت دعوة من الرياض لزيارتها والتنسيق العملي بين كل الأطراف، والتي تحقق بشكل صحيح الأمن والاستقرار المنشود في عدن تحديداً، لبداية الانطلاق الحقيقي لبناء اليمن وفق ما تحمله القيادة الوطنية الجديدة التي تتواجد على الأرض العدنية، وتعمل على إطلاق مشروع إعمار عدن، فليس من استيعاب لكل الحالة المفرطة في التجاوزات لما تلى العبث الحوثي إلا المضي ناحية البناء والتنمية، ويكفي أن تصغي إيران لكلمات عبد ربه منصور هادي في خطابه من على منبر الأمم المتحدة قائلاً: جئتكم من عدن شاكراً لسلمان الحزم وإمارات الخير وكل الأشقاء العرب وقفتهم ونصرتهم..