هاني سالم مسهور
منذ أن خرج الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن وأعلن الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م لم يعرف مضيق باب المندب حالة اختطاف كما حصل منذ الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014م على الشرعية الدستورية اليمنية واجتياح المحافظات وإخضاعها للأجندة الإيرانية في مشروع توسعي لا يمكن تجاوز معطياته المتوالية والذي يشكل فيها اليمن جزءًا من إطار تمدد إيراني بدأ بلبنان فالعراق وسوريا ووصل إلى اليمن كجزء من اكتمال التوسع الإيراني، كما أن البحرين كان جزءاً من الخطة الإيرانية لولا تدخل دول مجلس التعاون الخليجي في 2011م.
من المهم ونحن نتابع الانتصارات المتتابعة للتحالف العربي في اليمن وتحديداً في مأرب وباب المندب أن نتذكر بأن انطلاق العمليات العسكرية في 26 مارس 2015م كان واضحاً ويتمثل في عنصرين محددين أولهما: الاستجابة لنداء الاستغاثة من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وثانيهما: حماية الأمن القومي والحفاظ على مقدرات الأمة والذي يمثل فيها باب المندب جزءًا رئيسيًا لا يجوز أبداً أن يترك لغير العرب.
الأهمية الاستراتيجية لباب المندب تكمن في أن ما يقارب 80 في المئة من نفط الخليج العربي يمر من خلاله إلى قناة السويس، ويشكل باب المندب مع مضيق هرمز وقناة السويس الثلاثة مضائق الوحيدة التي تقع ضمن حدود العالم العربي، وتمثل أهميتها الدولية حدوداً بالغة على اقتصاد العالم، وإذا كان اليمن الجنوبي في حرب 1973م كان حازماً في إغلاق الملاحة في باب المندب استجابة لمقتضيات حرب العبور بين العرب وإسرائيل، مما يؤكد تاريخياً الأهمية الاستراتيجية القصوى لهذه المضائق ومدى ما تشكله للعالم العربي من مقدرات جغرافية.
ما تمثله عملية تحرير باب المندب ميدانياً من تحول عملياتي يعتبر تحولاً جديراً بالملاحظة فالعملية العسكرية المفاجئة والخاطفة التي تشكلت من قوة مشتركة من المقاومة الجنوبية والتحالف العربي والتي هزمت الحوثيين في ثلاث ساعات تعطي مؤشراً واضحاً على ما وصلت إليه المعنويات لدى الانقلابيين وقدرة التحالف العربي على العمليات العسكرية الخاطفة مما يؤشر على امتلاكه للأرض التي من خلالها يجد الحالة الآمنة له، كما أن العملية جاءت في أعقاب يومين فقط من تحرير سد مأرب ورفع أعلام التحالف العربي عليه وهي العملية التي استغرقت مدى زمنيًا يقارب الثلاثين يوماً إلا أن الحسم السريع وبدء عملية التطهير تضاف للقوات الخليجية التي أصبحت توشك على تشكيل (كماشة) تزيد من الضغط على صنعاء لتحريرها.
ولا يمكننا أن نتجاوز الدلالة السياسية المهمة بتسلم نائب رئيس الجمهورية اليمني ورئيس الوزراء خالد بحاح لباب المندب، فهذا الإعلان والزيارة الميدانية هي تأكيد قاطع على السيادة الشرعية على باب المندب مما يقطع الطريق على إيران وأزلامها الذين يعتبرون بأن التحالف العربي هي قوة احتلال لليمن، والحقيقة أن باب المندب يخضع للسيادة الشرعية التي يمثلها نائب الرئيس خالد بحاح.
مع استعادة العرب لمضيق باب المندب على إيران أن تدرك أن ليس أمامها سوى أن تقر بهزيمتها في اليمن، فانتصار عدن وتحرير المحافظات الجنوبية كلها ومأرب وباب المندب كلها حقائق ميدانية تؤكد انتصار العرب وهزيمة إيران ومشروعها التوسعي وسيمضي التحالف العربي في تحرير اليمن، فاليمن شماله قبل جنوبه جزء من تراب العرب سينافحون عنه لأنه لا يمكن أن يكون للفرس موضع قدم على تراب العرب.