د. عبدالواحد الحميد
لا أعرف كيف يمكن للمرشحات في انتخابات المجالس البلدية إقناع الناخبين والحصول على ثقتهم إذا كانت المرشحات لا يستطعن مخاطبة الناخبين إلا عن طريق وكيل ذكر أو شركة يمثلها ذكر!!
أعتقد أن هذا الإجراء الذي تم الإعلان عنه هو بمثابة تكريس لدونية المرأة التي لازالت تعاني من فقدان الثقة والمصداقية في مجتمعنا الذكوري حتى لو كانت تحمل أعلى الشهادات العلمية او كانت تحمل تجربة عملية طويلة، فبالله عليكم تخيلوا حضرة الوكيل وهو يتحدث بلسان موكلته ويجيب على الاستفسارات عن برنامجها ويجتهد في توضيح أفكارها وكأنها مخلوق خرافي يعيش في عالم الخيال!! أو تخيلوا مندوب الشركة الذكر يعقد مؤتمراته الصحفية بالنيابة عن الأنثى المرشحة التي هي من القصور بحيث تحتاج إلى مندوب ذكر من شركة ربحية متخصصة في تلميع الناخبات اللاتي سنعتمد عليهن لحل مشاكل المجتمعات المحلية التي ستُقام فيها المجالس البلدية!؟
وإذا كانت هذه المرشحة هي من القصور بحيث تحتاج إلى ذكر يمثلها في مخاطبة الناخبين فلماذا نسمح لها اساساً بالترشح ولماذا لا نطلب منها (الله لا يهينها) أن تذهب إلى بيتها ومطبخها وتتفرغ لطهي الطعام لأطفالها وغسل ملابسهم وترك وظائف الذكور للذكور بحسب ما وقر في قلوبنا وعقولنا واستقر في أذهاننا وقناعاتنا!؟
لقد كانت إتاحة الفرصة للمرأة السعودية للترشح في انتخابات المجالس البلدية خطوة حضارية عظيمة إلى الأمام اشادت بها وسائل الإعلام في العديد من بلدان العالم، ولكن من المؤكد أن الإجراءات التي تم الإعلان عنها قد نسفت المكاسب الإعلامية التي حققناها وسوف تتحول تلك المكاسب إلى خسائر فادحة عندما تتناولها الوسائل الإعلامية المعادية وغير المعادية بالسخرية منا وترديد الحديث عن المعاملة الدونية للمرأة في بلادنا وكأنها مواطن من الدرجة الثانية!
ثم إني لا أفهم المنطق الذي يبرر تغريم المرشحة التي تنشر صورتها بينما نحن نشاهد صورة المرأة في التلفزيون الرسمي للمملكة العربية السعودية وهي تذيع الأخبار وتجري المقابلات مع الرجال والنساء!؟ ولا افهم هذا المنطق ونحن نرى صور الكاتبات السعوديات كل يوم في صحفنا السعودية الصادرة بتراخيص من وزارة الثقافة والإعلام!!؟؟ ونرى صورها في المؤشرات العالمية ممثلة للمملكة، وحينما كانت تتلقى تعليمها في مختلف دول العالم فهل المرشحات في الانتخابات البلدية هن من جنس آخر غير جنس النساء السعوديات اللاتي نرى صورهن كل يوم في التلفزيون وفي الصحف؟
إنني أتمنى مخلصاً أن يتم سحب هذه الشروط والإجراءات فهي مسيئة للبلد ومسيئة للمرأة السعودية ولتجربة الانتخابات البلدية. فكل ما سوف نجنيه منها هو الشوشرة الإعلامية السلبية حول أوضاع المرأة في المملكة العربية السعودية.