يوسف المحيميد
قبل قليل كنا معاً، نحن أبناء العمومة، تناولنا وجبة العيد من صحن واحد، وخرجنا للصيد، كنتُ الملك المغدور به، كنتُ مدوساً أو كليباً، لا فرق، وكنتَ جساساً يا سعد، في عينيك ينام الغدر كله، وفي قلبك حقد أكبر من جبل أجا، سرتُ أمامك بخطوات، فغدرت بي يا سعد، غدرت بي من الخلف، وقيدت معصمي بحبل، وظننت أنك تعبث وتتسلى في الهواء الطلق، كما ظنت أمي بعد موتي، مشهدنا يوحي بالعبث، تماماً كما هو حال الشباب السعوديين الذين باعوا عقولهم، لكنك فاجأتني أنك لم تكن تعبث، ولم يكن ما فعلته مزاحاً، حينما أمرت أخاك بأن يصورك وأنت تعلن بيع عقلك مجاناً، للبغدادي، كنت قبل أن أصرخ بك: تكفى يا سعد، أردت أن «أنخاك»، وأستنهض شهامتك ببيتين من الشعر الذي أتذكره، ولا أعرف لمن:
تكفى تراها كلمة تقطم الحيل
لا بالله إلا تنسف الحيل نسفا
تكفى ترا تكفى لها هدرة السيل
في صدر حر ينتف الطيب نتفا
لكنني تراجعت يا سعد، فلا الوقت يسمح، ولستَ حرَّا كي أستنهض مروءتك وشهامتك، فتستجيب لي، فأنت عبد لهؤلاء الذين استأجروا عقلك، وعبثوا به، حتى فعلت ما لم يفعله أحد قبلك، وصوبت فم البندقية لابن عملك الذي قاسمك العيش والملح والصيد والسفر والذكريات والأسرار والرجولة والمروءة، نسيت كل شيء يا سعد، وسرتَ خلف من يبيح قتل الأب والعم والخال وأبناء العمومة، بينما سرتُ أنا خلف راية وطن عظيم، تحت راية «لا إله إلا الله»!
صحيح أنني سأموت شهيداً، وصحيح أن العالم والبلاد سيهتز لموتي، بعدما يرون المقطع الذي يصوره أخوك بكل ما تعنيه الخيانة والغدر، وصحيح أنا صرختي «تكفى يا سعد» ستحول إلى أيقونة تحذير من الإرهاب والتشدد والتطرف، لتصبح «تكفى يا بلد» فقد يظهر آخرون غيرك، هم «سعدات» قادمة، يفعلون مثلك، وربما أسوأ مما فعلت، مع أنك فعلت الأسوأ، وقد خنت صديقك وابن عمك، وطعنته في ظهره ظهيرة عيد، ولكن لا يهم، فلا بأس أن تكون حياتي فداء لهذا البلد، إذا كانت ستتحول إلى صرخة تحذير، يتبعها عمل وطني وجاد لتجفيف منابع هذا الداء القاتل، ومنابعه لا تخفى على أحد، كهؤلاء الذين يسرحون ويمرحون في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المواقع والمنتديات، يزينون لسعد وأشباهه مثل هذا العمل الجبان، ويجعلونه دمية مسلوبة العقل والإرادة!
تكفى يا بلد، تتبعهم، تتبع سعد، وأكثر من سعد!