علي الصراف
اذهب لتسأل أي مسؤول إيراني سؤالاً واحداً، بسيطاً ومباشراً: ما هو مشروع إيران في المنطقة؟
قد تسمع الكثير من الهذر الفارغ، ولكن سيأتيك جواب جوهري واحد: لإيران مشروع طائفي. إنها تعتبر نفسها مركزاً لحماية الشيعة في العالم، ومشروعها بلا حدود.
وهناك تصريحات كثيرة لمسؤولين إيرانيين كثيرين تكشف عن هذا الجواب. بل إن كل الثقافة السياسية المتداولة في إيران تعود لتقدمه كل يوم.
وهو مشروع غبي. وككل مشروع غبي، فإنه يحسن أن يرتد على أصحابه.
غبي، لأنه يهدد مليار مسلم في هويتهم وفي دينهم وفي عيشهم.
وغبي، لأنه يسخر من سيادة كل الدول، مما يشكل انتهاكاً مباشراً لكل قيمة من قيم القانون الدولي.
وغبي، لأنه ينفق موارد إيران المحدودة على هدف مستحيل.
وغبي لأنه قائم على عملية سطو معلن. ذلك أن مرجعية قم لا تساوي شسع نعال حيال المرجعية في النجف.
وغبي لأنه يحوّل المذهب إلى مليشيا، في مجتمعات قادرة على سحقها وإن صبرت.
وغبي لأنه (بالدلائل العملية) مشروع فساد وتخريب ونهب، لا مشروع بناء.
وبدلاً من أن تظهر كبناء وطني شامل، فقد تمت «طأفنة» الدولة في إيران لتتحول إلى هيكل شكلي ومزيف، يؤدي وظائف غير الوظائف المعتادة للدولة.
ولكن ماذا تفعل لمن يهدد سيادتك؟ أليس من الواجب، أن تجعله يفهم أن سيادته نفسها يمكن أن تُهدد؟
وماذا تفعل لمن يدير مشروعاً لتمزيق الوشائج الاجتماعية في الدول المجاورة؟ أليس من المنطقي أن تسعى هذه الدول إلى تمزيق وشائجه هو؟
وماذا تفعل لمن يريد أن يُصبح مفاوضا بالنيابة عن جزء من شعبك؟ أليس من الجدير بدول المنطقة أن تتفاوض معه بالنيابة عن جزء من شعبه؟
الدولة في إيران كيان زائف. إنها «دولة مشروع» أحمق فحسب. ولو كانت هناك دولة حقيقية، لكان بوسعها أن تفهم حقوق وسيادة ومقومات وجود الدول الأخرى. ولكان بوسعها أن تحترم حدودها فلا تتخطاها لاجتياز حدود الآخرين.
أكثر من هذا، فإن دولة «المشروع الطائفي» الفارسي صنو لـ «دولة داعش». وقد يبدوان على تناقض التطرف الأقصى بالأقصى، إلا أنهما واحد، في الأسس والمقومات والمسالك.
وبما أن ذلك كذلك، فإن العمل على هدمها لإتاحة الفرصة للشعوب الإيرانية لكي تؤسس دولاً جديدة، تمثل تطلعاتها الوطنية، هو الرد الوحيد المناسب على التهديد.
والحقيقة، فإنه عندما لا تتصرف إيران كدولة، فما الذي يبرر معاملتها كدولة؟
بسبب من طبيعة المشروع الصفوي، وبسبب من تاريخه المديد، فإن إيران الصفوية الحالية، لن يمكنها أن تتصرف إلا وفق طبيعتها الراهنة.
وطالما بقيت الجغرافيا الإيرانية كما هي الآن، فان المشروع الصفوي سوف يبقى ويتجدد، لأنه هو الأساس الذي تقوم عليه «دولة المشروع».
إسماعيل شاه الصفوي سحق كل القوميات المجاورة لفارس، من أجل أن ينهض بهذا المشروع الطائفي و»يوحّد» إيران الحالية على أساسه.
وبسفك الكثير جدا من الدماء، فقد سعى إسماعيل شاه، إلى أن يستبدل الهويات القومية بهوية طائفية جديدة. وهذا ما تسعى له إيران الآن.
ولقد نجحت «دولة» هذا المشروع، إلى حد كبير، في سحق الشعوب المجاورة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وواقع الحال شاهدٌ كافٍ على حجم الخراب. وهي تأمل بالمزيد.
لقد دفعت هذه المنطقة الكثير، مقابل هذا المشروع الغبي. لقد تهجر بسببه أكثر من 15 مليون إنسان، منذ غزو العراق، ومنذ اندلاع الأزمة في سوريا.
ولقد تدمرت أربعة بلدان عربية، بكاملها تقريباً، بفضل مليشيات النهب والتخريب والفساد التي رعتها إيران فيها.
وهذا كثير. إنه كثير جداً. إنه أكثر مما يمكن أن يتحمله عقل أو قلب أي إنسان.
يجب هدم المشروع الصفوي في عقر داره. على الأقل لكي يفهم أغبياء هذا المشروع أن الثمن يمكن أن يكون باهظا، وأن الشر، يدور، يدور، إلا أنه يعود ليرتد على أهله.