رقية الهويريني
في الوقت الذي توشك أمريكا على الرحيل من أفغانستان بعد حرب طويلة ضد طالبان؛ لم يستفد الجيش الأفغاني من وجودها. فقوات الجيش لا تملك الطعام أو المال اللازم أو حتى الوقود لنقل جرحاها بالسيارة إلى المستشفى! فالأموال التي يتلقاها الجيش تنفق على رفاهية قادته المشغولين بتناول الدجاج المشوي بشراهة! فأحد الجنود الهاربين من الجيش إلى أوروبا يؤكد عودة حصار قوات طالبان لقاعدة عسكرية وقتالهم، حتى أن بعض الجثث بدأت بالتحلل والجرحى كان ينزفون دماً دون أن يلتفت أحد لإنقاذهم!
وظاهرة هروب الجنود من الجيش الأفغاني للخارج خوفاً من ملاحقة طالبان بدأت تتوسع، وبالتحديد إلى أوروبا التي باتت غير قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من المهاجرين من أفغانستان وسوريا والعراق وليبيا الذين إن نجوا من الغرق في المياه الباردة وبقوا على قيد الحياة؛ ـ كما حصل مع الكثيرين ـ فإنهم سيواجهون نيران قوات الشرطة في الحدود بين بلغاريا وصربيا والمجر لمنع الحشود من المرور، ولعل الكثير شاهد المهاجرين وهم يحاولون المرور برمي الشرطة ـ في تلك البلدان ـ بالحجارة لترد عليهم بالقنابل المسيلة للدموع! في مشهد دراماتيكي مؤلم وقاسٍ وموجع! ولسان حالهم يردد أين المفر؟! فما بين براميل متفجرة من لدن النظام الغاشم، ووحشية داعش ودمويتها الداكنة، وبين صواريخ روسيا الحارقة، تشاركهم طالبان من الشرق، لتوسع من دائرة الهجرة والهروب الكبير من البلاد الإسلامية!
وبالنظر لخريطة العالم الإسلامي؛ يرى المرء التشرذم في أراضيها، والتشريد لشعوبها. فسوريا وطن بلا أفق للاستقرار ويتجه نحو المجهول، بينما تفتك الطائفية في العراق، وليبيا تتناوشها الحروب الطاحنة، وفي أفغانستان يبدو قادة الجيش منهمكين في تناول الدجاج المشوي!
والحق إن ما يجرى في البلاد الإسلامية جرح غائر في القلوب، وخطيئة كبرى يتحمل وزرها جميع الساسة المتخاذلين وتجار الأسلحة الخائنين، بينما تبقى ضحيتها الشعوب البريئة التي قاومت الظلم والبغي، فكان نتيجة ذلك إما الموت أو التشرد أو الغرق أو هدر الكرامة تحت أقدام أفراد الشرطة الأوروبية.
ولعلنا نتساءل بألم: أين دور منظمة الهلال الأحمر العربية والصليب الأحمر الدولي في مدّ يد المساعدة ومنح طوق النجاة للجياع والعراة والضعفاء والمشردين من الأطفال والشيوخ والنساء والشباب المنتشرين في أنحاء العالم؟!
وخلال ثلاثين سنة الماضية شكّل المسلمون أكثر من90 % من ضحايا الصراعات في العالم ما بين مقتول ولاجئ ومشرد، وما زلنا نتجادل في أمور تافهة!