د. عبدالعزيز الجار الله
لقد نجحت الأجهزة الأمنية السعودية في تتبع الإرهابيين، وبالمقال أخفق المجتمع السعودي في كشف سلوكيات الإرهابيين وفضحهم، العملية التي كشفت عنها وزارة الداخلية الأسبوع الماضي في حي الفيحاء بالرياض: إنشاء مصنعا كاملا داخل الحي السكني. بقيام ياسر البرازي سوري الجنسية يعمل بالمملكة منذ عام 1431هـ تحويل منزله إلى مصنع كامل للأحزمة الناسفة وتشريك منزله من الداخل والخارج بمواد شديدة الانفجار، واتخاذه من منزل آخر في حي الجزيرة مأوى للمطلوبين أمنيا، فقد كان الإرهابي يعمل محاسبا في شركة وبائع خضروات عبر الانترنت ويقيم في سكن للعائلات، ليس متخفيا ولا مطاردا, ورغم ذلك لم يكتشف من مجتمعه بالحي السكني ولا مجتمعه في الشركة ولا حتى مجتمع الإنترنت حين كان يعمل مسوقا في مبيعات الخضروات، كل هذه المعطيات ولم يكتشفه مجتمع الجيران ومكتب العقار، ومجتمع الوظيفة وهنا ضرورة الجدية في نسب السعودة الفاعلة في المؤسسات والشركات.
غاب مجتمع الحي والعمل والإنترنت وترك مثل ياسر البرازي يتحرك بحرية ويدير خلية لو نجحت في عملياتها لسببت لنا كوارث في الأرواح والممتلكات، علما أننا نعلم مسبقا أن من ينفذ العمليات هم من الشباب السعودي المغلوب على إرادتهم، وهذه من أشد أحزاننا، هنا لابد إلى العودة إلى تجربة المملكة في حربها ضد منظمة القاعدة منذ 1995م وما تلاها عام 2003م عندما تحرك المجتمع بكل تكويناته في حملة شراكة مع الأجهزة الأمنية باعتبارها حربا مشتركة تجمع الأجهزة الأمنية والمجتمع ضد الإرهاب، فتم تحجيم القاعدة بل كسر ظهرها، قبل أن تظهر بديلا لها داعش عام 2011م.
مجتمعنا مازال غارقا بالطيبة وعدم الحذر, أيضا روابطه بالأجهزة الأمنية ضعيفة، بل سادت سلبية خلقها مجتمع المدينة وهي عدم الاكتراث أو اللامبالاة، يتعامل الجار مع الجار بنوع من العزلة تمكن الخصوم من حرية الحركة في العمل الإجرامي ليس فقط في الإرهاب بل في تجارة المخدرات وبيع الممنوعات والخمور والتزييف والتزوير والغش التجاري وتجارة الخدم والفساد الأخلاقي والمالي، إذن أليست بالفاجعة أن تستيقظ ذات صباح والحي الذي تسكنه مطوق بالأمن؛ لأن أحد جيرانك حول منزله إلى مصنع للأحزمة الناسفة أو مصنع خمور أو مأوى للإرهابيين أو وكر فساد، وأنت تغط بالعزلة وروح اللامبالاة، للأسف الشديد هذا هو واقعنا الذي شجع و أعطى الإرهابيين الجرأة والشجاعة على إنشاء مصانع للأحزمة الناسفة ومعامل المخدرات.