هدى بنت فهد المعجل
والوضع مكتظ بالأحداث الدامية، والأخبار المؤلمة، وبالقلق والخوف والاكتئاب، وانعدام الشعور بالأمان، وبردة الفعل العكسية تجاه الأشخاص أرى أن (التصالح مع السعادة يمحو كثيراً من الآلام)، إذا ما علمنا أن الصلح نتائجه إيجابية، ليس مع الأشخاص وحدهم، بل ومع النفس كذلك.
في حياتنا اليومية لا نأمن شر أنفسنا، أو شر الآخرين فيترتب على ذلك ألمٌ لا ندرك مداه، ونجهل منتهاه فينهش عظام السعادة عظمة عظمة حتى تتآكل جميعاً، وتنال الهشاشة من روحنا لتتمكن منها أيما تمكُّن، وما من كالسيوم يقينا الهشاشة سوى كالسيوم التصالح مع السعادة بعد أن تفوق على كالسيوم تصالحنا مع أنفسنا والبشر، وأثبت أن السعادة سلم نصعده نحو العيش الهانئ الرغيد. فحياتنا اليومية تستقبلنا بوجهين لا ثالث لهما: الوجه السلبي بما يحتويه من متاعب ومآس وأحزان ومواجع وفقد وحرمان وضياع أمان.
والوجه الإيجابي بما فيه من راحة وبشارات وأفراح وصحة واكتساب وعطاء واطمئنان. الموازنة بين الوجهين صعبة. وطغيان وجه على الآخر محتمل جداً. والرضا بالوجه الإيجابي معقول. والرفض للوجه السلبي معقول أيضاً. بيد أننا لا نأمن شر ردة أفعالنا تجاه الوجه السلبي وعلينا وقتها التذكر بأن (التصالح مع السعادة يمحو كثيراً من الآلام).
***
سألتني صديقة: وإذا شعرنا أنها تتملص منا؟
قلت: هو شعور متوقع حين يتسيّد الوجه السلبي على الإيجابي!! لكن لابد من التغلب عليه ولو بالإيحاء.
نحتاج الإيحاء لنستمر، ونواصل مشوار الحياة ونثبت ذاتنا لذاتنا وللآخرين معاً. ونؤكد أننا قادرون على المضي قدماً في هذه الحياة بأي وجه بدت طالما أننا عازمون على التصالح مع السعادة، وإن طغى الوجه السلبي وتسيد على ساعات يومنا.
كثيرون يتلذذون وهم يمزجون المر في كؤوسنا، وفناجين قهوتنا، وأطباق طعامنا، ويتلذذون أكثر حينما يشاهدوننا نترنح بعد تناولنا كؤوس المر، وأطباق الطعام مباشرة!! والتصالح مع السعادة يخيب آمالهم فنراهم وقد أسقط في أيديهم. البعض متعتهم رؤية شخص أتته الحياة بوجه سلبي فيصاب في مقتل من جهتين: جهة حياة بدت بوجه سلبي أمامه. وجهة شخص استمتع بوضعه.
ولن يتجاوز محنة الحياة ومحنة الشخص ما لم يتصالح مع السعادة إن كان يود بالفعل تلاشي كثيراً من الآلام!! وما من أحد لا يود ذلك لنفسه أبداً.