هاني سالم مسهور
يصر الحوثيون وحليفهم المخلوع صالح على مواصلة الاندفاع نحو تحميل الشعب اليمني مزيداً من المآسي، وتحميله تكلفة حرب عبثية ومواجهة استحقاقات سيتعين على اليمنيين تحملها طويلاً، وهم الذين عانوا على مدى عقود ثلاثة مرارة الفقر والجهل مع فترة حكم علي عبد الله صالح والتجارب السياسية التي زادت من صعوبات اليمن ليتعايش مع نفسه في استقرار طبيعي، بدلاً من خوض معتركات أدت إلى عداء مع جيرانه في الإقليم العربي.
مسرح العمليات في صنعاء والذي يتم تحضيره بعناية كبيرة من قبل قوات التحالف العربي يعتمد على تهيئة محافظات مأرب والجوف والحديدة ومواصلة دعم المقاومة الشعبية في تعز، المحيط الذي يراهن عليه الحوثيون في معركة صنعاء هو الذي يتم تهيئته بشكل كبير، فوصول المدرعات لمأرب عبر منفذ الوديعة في حضرموت ونقل خمسة وعشرين ألف جندي يمني إلى أرض المعركة في مأرب، يعني نجاح قوات التحالف في الجزء الأهم من معركة صنعاء، وهي نقل الجنود والآليات لمسرح المعركة الأولى في الجوف ومأرب.
على قطاع الحديدة دكت البوارج الحربية الميناء الرئيسي مما أتاح للمقاومة الشعبية الحصول للمرة الأولى على مساحة تمكنت من خلالها من بداية مواجهات عسكرية مع الانقلابيين، كذلك استمرار تأمين باب المندب كواحد من أهم عناصر الحرب يعطي دلالة لشكل المعركة المنتظرة في صنعاء والتي اقتربت كثيراً.
السؤال الذي يطرح.. لماذا يصر الانقلابيون على معركة صنعاء ؟، وحتى نفهم غايتهم علينا أن نتذكر بأنّ الرئيس عبد ربه منصور هادي، كان قد سلّم للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبادرة لتنفيذ القرار الأممي 2216، ونتذكر في ذات السياق تأكيد مجلس الوزراء السعودي في جلسته الأسبوعية 24 أغسطس 2015م على دعم الشرعية اليمنية والالتزام بالمقررات الأممية، هذا يعني أن لا خيار أمام الانقلابيين سوى الرضوخ وإعادة اليمن إلى ما قبل 21 سبتمبر 2014م والعودة إلى مخرجات الحوار الوطني.
إذن الانقلابيون يتعاملون برغم كل ما يستجد على الأرض من هزائم متواصلة على معركة صنعاء الحاسمة، وينتظرون مواقف ( مستنسخة ) من المبعوث الأممي كالتي قدمها لهم المبعوث السابق جمال بن عمر، هذا ما يعول عليه الانقلابيون فمازالوا ينتظرون نافذة تفتح لهم ليخرجوا منها غير عابئين بكل ما حصل نتيجة الانقلاب، وما تبعه من تحولات خطيرة أوصلت اليمن الضعيف والمنهك اقتصادياً والمفكك اجتماعياً لمصير مجهول بارتهانهم الخارجي وارتباطهم بالمشروع الإيراني الذي يعادي العرب ويسعى لتهديد أمنهم القومي.
نعي أنّ الانقلابيين يشعرون أكثر من غيرهم بحالة الهزيمة وهو ما تؤكده محاولاتهم اليائسة في اختراقهم للحدود السعودية الجنوبية، فالمتابع لردات فعلهم منذ انطلاق عملية «عاصفة الحزم» في نهاية مارس 2015م، يتأكد أنهم في كل مرحلة من مراحل التفاوض السياسي يحاولون اختراق الحدود السعودية وفي كل مرة يتكبدون خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، لذلك فإنّ المراقب لمحاولتهم الأخيرة لا يستغرب هذا الجنوح اليائس للتأثير في موقف المملكة العربية السعودية الحازم والصارم عسكرياً وسياسياً، وأن الالتزام بإعادة الشرعية سيكون نهاية كاملة للعمليات العسكرية التي تصب في مصلحة الشعب اليمني وصداً للمشروع الإيراني العابث في أمن شبة الجزيرة العربية.