ميسون أبو بكر
المميزون المتألقون من شبابنا سواء داخل المملكة أو خارجها، أولئك الذين تصدرت أخبارهم القنوات التلفازية العالمية والمحلية لتفوقهم في شؤون علمية وأكاديمية، هم مصدر فخر لنا واعتزاز للوطن الذي كانوا ثمرة مجده وعطائه وسفرائه في الخارج.
ولعل تلك النجاحات من جهة وما يهدد المنطقة من جهة أخرى يقودني في هذا المقال للحديث عن موضوع مهم أختصره في السؤال التالي «كيف أحبُّ وطني؟»
وأنا أتحدث إلى مضيف الطائرة على متن الخطوط الجوية السعودية وكنت أومأت له باستغرابي لامرأة تقف قريباً من كابينة القيادة مع شخص ملتح يرتدي سروالاً وقميصاً وبيدها أوراق، سألني عن وظيفتي ولما عرف أني إعلامية ولي كتب ومقالات في الصحيفة (بشرني) أنه لا يتابع الصحف أبداً ولا الأخبار لكنه شاركني الحديث عن تنظيم داعش (الذي دعانا إليه شكوكي في المرأة وحديثها للرجل قرب قمرة القيادة)، وكان السؤال الذي سأله الشاب عن رأيي في جذور هذه الحركة التي كنت أسهبت والكثيرون من الكتاب والمحللين في الكتابة عنها.
وأجزم أن هذا الخطر الذي يهدد الوطن بغزو عقول الشباب ومحاولات انضمامهم لداعش هو خطر لا يتيقظ له الكثيرون وبخاصة الشباب الذين تغريهم وسائل التقنية والتواصل دون أن تكون هناك الحصانة الكافية مما يترصدهم فيها.
وأنا أتحدث إلى الشاب الذي لا يقرأ الصحف ولا يتابع الأخبار تمنيت لو أنه بطريقة ما يستفاد من أصحاب الأقلام والكتاب الوطنيين لعمل محاضرات في المدارس والجامعات وبعض الأماكن بطريقة حوارية جذابة مع الشباب والفتيات، حيث يترك لهم المجال للحديث والإفصاح عن أفكارهم مهما كانت بسيطة. فمن واقع حديثي مع المضيف الشاب ومع بعض الشباب لمست البساطة والسطحية وعدم الوعي الكافي والعميق بحقيقة ما تواجه المنطقة العربية وما ينتظر شبابنا من مخاطر يكيد بها لهم أعداء الوطن والدين.
الحوار ركيزة مهمة في الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد إن كان الطرف المُحاوِر على درجة من الفكر والثقافة والمعرفة والوطنية، وإن كانت هذه الحوارات تعقد بطريقة منظمة وتحت مظلة جهة مسؤولة، فوسائل التواصل الاجتماعي غزت مجتمعنا وعبرها تحاول التنظيمات الإرهابية استقطاب الشباب وترويض عقولهم لتنفيذ مخططاتهم البشعة، ومن هنا لابد أن ننطلق لمواجهة هذا الخطر المحدق بِنَا.
الوعي ضروري والحذر كذلك، بخاصة أن مجتمعنا انفتح على التقنية بطريقة غير تدريجية بينما أخذ هذا الموضوع سنوات مع شعوب أخرى مما يجعل الفجوة أكبر.
لمسنا بشكل كبير - والحمد لله - الوطنية الحقة في المجتمع السعودي والتفاف الصغير والكبير حول الملك - حفظه الله - والقيادة وتصدي كتابنا ومفكرينا للفكر الضال وكل من أراد إحداث زعزعة في مجتمعنا. وهذا هو التطبيق الحي والواقع للوطنية التي يجب أن تعطى للطلبة بالمدارس بمناهج مختلفة تسهم في تكوين شخصية الطفل والشاب وصقل ثقافته ورفع درجة الوعي لديه ليكون فرداً واعياً في المجتمع ومتيقظاً لما يدور حوله.
شبابنا هم عماد هذا الوطن .. حماهم الله وسخرهم لخدمة دينهم ووطنهم.
من آخر البحر:
يا أنت رب القلب
شدو الروح
أبتي الذي راح في غفلة الوقت
ثم لم يعد
وصديقي انتصارُ العمر
وحياتي التي نذرتها للذي قد يحين..