ميسون أبو بكر
كم هو الماء مبهج وكم هي الحياة جميلة على ضفافه، والفرد منا يسعى ما استطاع سبيلاً أن يكون قريباً من الماء والخضرة، حتى أن معظم الشعراء تغنوا بهذا وذكروه في قصائدهم.
ويخطط الكثيرون لقضاء إجازاتهم في البلاد التي تكثر فيها البحار والأنهار والبحيرات، أو تلك التي تكسو أراضيها الغابات والخضرة والأشجار، وأنا أكتب هذا المقال عزيزي القارئ وأنا على ضفة بحيرة «أونتاريو « التي تقع في تورونتو بكندا، وقد أدهشني إعداد البشر وتلك المشاريع الترفيهية وذلك الاهتمام بها، وتلك الحياة التي تنبض على جنباتها بخاصة في أشهر الصيف، قبل زحف الثلوج التي قد تكسو ساحلها والأشجار.
من جهة أخرى تقوم بعض الدول بعمل بحيرات اصطناعية مثل بحيرة « ديفون» التي تقع على الحدود السويسرية الفرنسية، والتي أقيم حولها المتنزهات والمطاعم وألعاب الأطفال والأشجار، والتي تشكل مركزاً جمالياً ترفيهيا لأهل المنطقة والزوار.
هذا يقودنا لضرورة التركيز في بلادنا على مشاريع مماثلة من شأنها خلق التوازن البيئي ومنح الطاقة الإيجابية للإنسان، حيث من ميزات زيادة المسطحات الخضراء خفض درجة الحرارة وتقليل استهلاك الطاقة كما تصفية الهواء ، ومحاولة أن تكون البيئة والتنمية في خطين متوازيين، حيث غزت المساحات الأسمنتية المسطحات الخضراء والإنسان هو الضحية.
الرياض .. التي كانت لا تتجاوز عدة أحياء وشوارع، أصبحت اليوم بمساحة تفوق آلاف الكيلومترات، وقد سميت بالرياض كونها كانت روضة يحيط بها النخيل من كل جانب، وفي ظل التطور العمراني السريع وعلو مباني واتساع المساحات الخرسانية، فإنه لا بد من التأكيد على برنامج قوي لجعل المساحات الخضراء على مد البصر، وتحدي شُح المياه التي قد تشكل عائقاً كبيراً لزرع تلك المساحات وبخاصة قلة الأمطار.
في مدن أخرى من العالم يحرص المخططون لها أن تشكل المساحات الخضراء أكثر من أربعين بالمئة ، لقد تبنّت هيئة تطوير مدينة الرياض برنامجاً لتشجير وزرع أكبر قدر من المساحات الخضراء، ولعل سد وادي حنيفة على سبيل المثال يعتبر أنموذجاً جيداً، وهو يصور تطبيق برنامج الغطاء النباتي الذي جعل من المنطقة محط أنظار قاصديها سواء من الرياض أو المناطق المجاورة لها.
يهدف هذا المشروع الذي تتبناه الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض، لإيقاف التدهور البيئي وإيجاد مصدر للمياه بالقرب من المدينة للاستفادة منها في الزراعة وبعض الأغراض ، وزيادة أماكن الترفيه، وإعادة تأهيل المناطق الطبيعية وزيادة الغطاء النباتي فيها وزيادة المناطق الخضراء حول المدن.. وكذلك الاستفادة من المناطق الزراعية المهجورة ، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات من القطاعين العام والخاص في المجالات السياحية والترفيهية والزراعية .
كلنا يدرك قسوة الظروف البيئية التي قد لا تساعد بسهولة على زيادة المسطحات الخضراء، لكن النماذج التي حققتها هيئة تطوير الرياض تجعل من الأمر أملا ممكناً، والإنسان بطبيعته يعشق الماء والخضرة ومنذ التاريخ يتنقل بحثاً عنها، كما أن كثيراً من الحضارات القديمة عاملت الشجرة باحترام كبير بلغ حد التقديس، والكثير من الدول وضعت القوانين التي تحافظ على الأشجار وتمنع العبث بها.
كل هذه مشاريع حياتية ضرورية لا بد من الاستمرار فيها لتحقيق بيئة متوازنة ولتحقيق المرجو منها وكل الطموح الذي صاحب التخطيط لها، كما توعية الفرد بضرورة أن يكون شريكاً فيها.