د. خيرية السقاف
يتضح أنّ هناك خلايا جرثومية قد بلغت مكامن القناعة واستقرت فيها، وتحوّلت لفعل لدى كل من يُكتشف تورطه في الجريمة، وانتمائه لأصحابها، ويزداد التأكد من ذلك من حديث والد سعد الشاب الإرهابي قاتل ابن عمه، وما لوحظ من تأثير صدمة المفاجأة في ملامحه الباهتة، وكلماته المتلاحقة، وإشارته لعدم درايته، وإحاطته اليسيرة عن تحركات ابنيه، مع تأكيد أطراف الأسرتين على متانة العلاقة بين القاتل، وأخيه، وابن عمه..
هذه الخلايا الجرثومية متى حلّت في الصميم، وكيف تمكنت من القناعة واستقرت، ومن أين بدأت، فتنامت وتحركت؟
أما لماذا فأغراضها واضحة، وأهدافها بيِّـنة، ووسائلها جلية..
كيف بعد هذه المفاجآت الصادمة في هؤلاء يضمن الأب ابنه، وهو يجده في وضع طبيعي داخل أسرته..؟
وما الذي تفعله أم لا توحي لها تحركات ابنها بما بعدها، أو حتى بما قبل يربك، ويقلق فينبه..؟
ثم أية خطة ماكرة استهدفت الشباب الغر، ولدونة تربتهم الفكرية، والنفسية..؟
إذن بهذه السهولة أمكن استدراجهم؟!!
ألم تكن هناك سدود منيعة قد نشأت قوية متجذّرة فيهم لقيمة التقوى، وخشية الله، وما ينبثق عنهما من معنى السلم النفسي، والأمان المجتمعي، والمسؤولية الوطنية، وتمثلهما في مسلك يرفض الشر، ويتقي الانزلاق، ولا يجرؤ على التحرك في الظلام لتدبير جريمة، ومسك سلاح، والتطوق بالمفجر، وسفك دماء من ثم، وإزهاق أرواح،.. وتدمير مقدرات وطنية، وبشرية، وخيانة انتماء لأسرة آمنة، وقربى مطمئنة، وجيرة مسالمة، ومجتمع واحد، ووطن تفسح له كلُّ اتجاهاته ثراه، وفضاءَه..؟!!
إنّ ما يحدث، وتكشف عنه حادثة، أو ترصده متابعة أمنية، هو سلوك بالغ في الإسراف ظلماً، وجهلاً، وغرقاً في تعمية مدروسة، قُيضت لها السبل لبلوغها وهم هؤلاء الشباب، وغاياتها تتحقق بهم، وأهدافها هذا الوطن.
إنّ حوار أبي سعد المفجوع في درايته بابنيه مليء ببراهين، منها يكون منطلق الفحص لعديد من محاور ينبغي رصدها، والتحرك الفردي وفق مؤشراتها في كل بيت، وشارع، ومؤسسة تعليمية، وجيرة، وصحبة، ومكان، وزمان في الليل النائمُ فيه ليستيقظ فيتابع، والنهار الناشرُ فيه ليتفقد، ولا يتوانى.