د. خيرية السقاف
من تعامل مع سلمان بن عبدالعزيز في مراحل إدارته, وإمارته, وولايته للعهد, ثم وهو يتربع قيادة دولة لها ثقلها في المنطقة، ومكانتها قبلةَ استقطابٍ لمسلمي العالم جميعهم، يدرك كم في هذا القائد من سمات القيادة وميزاتها، وعزيمة القائد وتميزه، وخبرة المحنك ومعرفته, وصفات تخصه بدءا باطلاعه الواسع، ومعرفته الشاملة, ووقوفه على الشؤون بتفاصيلها, ومواقعها, وأفرادها,.. وامتدادا إلى منظومة أهدافه, وآليات تنفيذها, وانطلاقا لاختياراته الرشيدة, وقراراته العازمة الحازمة الناجعة الشاملة، والمقننة, كل ذلك ينصب في اتجاهاته المنسابة إلى تطوير الواقع, وتحديث الوسائل, ومواكبة المستجد، وتعلية المواطن, وتطبيق الأنظمة, واحترام القانون, وسيادة الثوابت, ومواصلة الخروج بما لا ينفع من أقبية المفسدين, والضرب بقوة على أسباب الخطأ, وتعزيز نماذج الصواب, وتقنين معايير التكافؤ, والتكافل, والعدالة, والحرية, والتميز, والقدرة, سواء في مشاريع الإنماء والتطوير الداخلي, أو في توطيد توغل العلاقات وتجلية حدودها مع الخارج, بثبات جذر راية هذا الوطن في مكانته بين الدول, بمبدأ هذا القائد «لا حاجة لنا لأحد», اعتماداً على مقدرات الوطن من عمق الثرى إلى عمق العقول, ومن قطرة البئر لمنشأ السد, ومن باب المدرسة لمحضن المعمل, ومن كرسي البحث لمنجز المختبر, ومن عزم الجندي لدفع الآلة, ومن مشكاة الحقل لدفق الخام, ومن كرِّ التِّـرْس لخَزْن الثروة, ومن محيط الوطن لخاصرة المدن.
هذا القائد المحنك هو إنسان عميق الإحساس بمآسي الإنسان، ومواقفه لا تحصى ولا تنسى في شأن الإنسان.., وآخرها حادثة الرافعة في بيت الله الحرام.. فقد عاد للوطن ليباشر أول ما يباشر أمرها،
جاء بشخصه تتجلى فيه الإنسانية نحو ضيوف الرحمن من جهة, وينهض فيه العزم من جهة ثانية تجاه الحقيقة, ليقف على تفاصيلها, منقبا عن السبب,
فالحقيقة في كل شأن هي مدار قيادته, ومرتكز منهجه, وغاية سياسته.., من أجلها يعزم, ويحزم, ويقر، ويطالب، ويعاقب, ويثيب.
ما قرره هذا القائد الحكيم في شأن الحادثة بكل التفاصيل يأخذ بكل العالم لأن يتعرفوا حكمة القيادة, وحنكة الإدارة, وعدالة الولاية, وموضوعية القرار..,
وإن الحزم في العدل، وفي معرفة الحقيقة موئل الثقة.
إنه سلمان وكفى...
حفظه الله وسدده.