عبدالحفيظ الشمري
ليس أجلّ ولا أنبل من خدمة الحج، ورعاية الحجيج في هذه البقعة المقدّسة «مكة المكرمة»، بحرمها الشريف، ومشاعرها المباركة؛ تلك التي يتشوّق الجميع إلى العمل فيها، من خلال العديد من المهام والواجبات، ومنها الأعمال التطوعية، حيث تنطلق الكثير من الجهود الحكومية والأهلية هذه الأيام في بناء مشروع إنساني متكامل ومهم، يحقق الكثير من الأهداف التي تسهم في مساعدة هؤلاء الحجاج القادمين من كل مكان لأداء المناسك، والسعي إلى تذليل الصعاب أمامهم.
وحينما نتأمّل حركة الحج، ونشاهد الكثير من الشباب وقد جنّدوا لهذه المناسبة، ومن خلال الكثير من الإدارة والجهات الخدمية، نغتبط ونسر بهذا التنوع في أعمال التطوع، حيث تتبارى الجهود خدمة للحجاج، وهذا ناتج عن جهود بذلت، وخطط قدمت من أجل أن ينخرط المتطوعون في هذا المجال بعد أن يكتسبوا الكثير من الخبرة والمران، وبناء سلوك تطوعي يرسخ مفاهيم العطاء الإنساني، والمساعدة في أداء هذه المناسك.
فالشراكة التي تنشأ بين الكثير من المؤسسات والجهات الخدمية في الحج، وبين جيل الشباب الذين هم في الغالب من طلاب الجامعات، لا شك أنها تمر بمراحل متعددة من أجل أن يكون هؤلاء الطلاب في موقع المسؤولية في أداء رسالتهم، وربما أكثرها حضوراً هي جهود الكشافة الذين يعدّون من أبرز المتطوعين في هذا المجال، وهم يقفون إلى جانب رجال الأمن.. فيقع عليهم العبء الأكبر في إيصال الخدمات التطوعية، وترسيخ مفاهيم الإنسانية، والتعاون مع الجميع خدمة لمن يقصدون المشاعر المقدسة.
فربما لا يسعنا المجال لذكر هذه المجموعات التطوعية إلى جانب (الكشافة السعودية)، إلاّ أننا نذكر على سبيل المثال الدفاع المدني الذي يفتح مبكراً وفي كل عام باب التطوع للشباب في مجال أعمال الدفاع المدني، والقطاعات الصحية، وكذلك هيئة الهلال الأحمر السعودي، ومؤسسات الطوافة، وجهات أخرى تحتاج إلى سواعد هؤلاء الشباب من أجل تقديم خدمات إنسانية أفضل.
إلا أننا نؤكد على أهمية أن يكون هناك المزيد من الدورات التدريبية التي تعتمد على تقديم رؤية متكاملة عن أدوار التطوع وخدماته، وبناء قاعدة بيانية يمكن الرجوع إليها في مواسم قادمة، للرقي بهذه التجربة، مع أهمية الأخذ بنتائج البحوث والدراسات الميدانية التي تعنى بالعمل التطوعي، وتقديم كافة الجهود من أجل خدمة الحجاج في كل عام.
ولا ننسى في هذا السياق أهمية العمل التطوعي الميداني الذي يتطلب من المشاركين فيه بذل جهود أكبر، إذ يُعَد العمل الميداني هو أهم مرحلة يخوضها المتطوع بعد أن يخضع للدورات وورش العمل لا سيما في مجال توجيه الحجاج في الطرق، وأماكن التوقف، والانطلاق للمشاعر والعودة منها، لا سيما في هذه المواسم الحارة، وساعات الذروة، وصعوبة التخاطب مع الحجاج بلغاتهم الأصلية. ومما قد يستفاد منه في هذه البحوث والدراسات الميدانية حول أعمال التطوع في كل عام، أنها تشير إلى أنّ هناك عجزاً واضحاً في أعداد المتطوعين، فهذه الأجهزة العاملة في فرق الحج، والمواقع الخدمية لا تزال بحاجة إلى مزيد من الشباب، لكي ينخرطوا في المجال التطوعي، خدمة لمن ينتظرون العون والمساعدة.