عبدالحفيظ الشمري
قبل أيام غَيَّبَ الموت رجل الأعمال الشيخ (علي الجميعة) - يرحمه الله -. فمن بين تفاصيل ألم الغياب لهذا الرجل النبيل لا بد أن تضوع رائحة عطرة من سيرة عطائه الإنساني، وبذله الكريم؛ فهو الساعي دائماً إلى ترجمة حب الخير والوطن في عطائه الذي ما نضب إلى أعمال مشهودة على مدى عقود عاشها هذا الرجل المتميز، فكان جوده متواصلاً مع الكثير من الأشخاص والأسر، وحنوه وبذله فائقَيْن، ليس على المجتمع الحائلي وحسب إنما للمجتمع في بلادنا بشكل عام.
فالراحل الشيخ الجميعة يُعد - بلا شك - مثالاً إنسانياً للسخاء، وبرحيله يحق لنا تأمل مناقبه، ويمكننا أن نستطرد في سيرته الزاخرة بالإنجازات، والبذل المثمر؛ فهو رغم كونه رجل أعمال وتاجراً؛ بحث عن مكاسب ومرابح، إلا أنه - وللأمانة - لم يغفل عن التجارة التي لا تخسر أبداً.. تلك المتمثلة في البر وأوجه الخير، ومد أيادي العطاء الإنساني الذي تواصل على مدى عقود.
وحينما نقول ليس «حائل» وحدها من افتقدت هذا الرجل النبيل فإننا نجد أن له أيادي بيضاء في مختلف مناطق المملكة؛ فكان - يرحمه الله - حريصاً على أن يكون الدعم للجميع، ولمن هو أهل للمساعدة أينما كان مكانهم، وهذه شيمة الرجال الأوفياء.
ولم تتوقف مكارمه ومبراته عند فكرة محددة، أو نشاط معين، إنما هو مشارك وسباق للخير في مجالات عدة؛ فتارة تراه في العمل الاجتماعي، وأخرى في المجال الصحي، وهو وَفِي للشباب في مجالات دعم الرياضة، وسعيه لإنجاح المشروع الزراعي، ومساهماته في أعمال خيرية كثيرة.
كما أن للشيخ علي - يرحمه الله - مبرات متعددة في مجال إنشاء المساجد، والأوقاف الخيرية، وإسهامات متنوعة لخدمة المجتمع، والرفع من معاناة الكثير من الأسر المعسرة التي تمر بظروف معيشية صعبة، والوقوف مع من تحاصرهم ضوائق الزمن المالية، فكان خير سند ومعين لهم بعد الله سبحانه وتعالى.
والأجمل في سيرة الراحل الجميعة حينما نتأمل سعيه الدائب لتذليل الصعاب أمام جيل الشباب، ممن يودون تقديم رؤية متميزة عن منطقة حائل، فإنه كان سباقاً إلى العطاء على نحو دعمه للمجال الإعلامي، فقد نذكر أنه حاول مرات عدة، ومن خلال دعم سخي، أن يُقِيل عِثَار قناة «نايلات» الفضائية؛ ليدعمها مادياً ومعنوياً، ويضخ الدماء فيها؛ لكي تستمر وتتواصل، وهو يعلم بحس راقٍ ما للإعلام الحديث من دور بارز في عكس الصورة الجميلة عن المنطقة.
وبما أن الحديث عنه - يرحمه الله - متشعب، وعميق، فإننا نُلْمِحُ إلى أن مع الراحل الشيخ الجميعة بعض الرائعين والمخلصين من أمثاله.. الذين يحتاجون منا أولاً إلى الدعاء بأن يمن الله عليهم بالعفو والمغفرة، وأن يجعل هذه الأعمال في موازينهم يوم الدين.
وإلى جانب ذلك فإنه حري بنا أن نجعل من سيرتهم مشاهد إنسانية خالدة، يتعرف عليها الجيل الجديد، وأن لا يكون الأمر مرتبطاً باسمه وحسب في صالة أو شارع أو بناء، إنما بتأصيله معنوياً ومادياً من خلال تقديم رؤية بانورامية حول أعمالهم وتاريخهم، يشترك فيها أبناؤهم وأحفادهم والمجتمع من حولهم، ويكون ريعها وفائدتها تصل للجميع؛ لتعم الفائدة، ويستمر ذكر عطاء هؤلاء الأفذاذ الذين أسسوا للعمل الإنساني في مجالات عدة، وحسبهم في ذلك أنهم سينالون الأجر والثواب، وثناء الناس على ما قدموه من عطاء.