علي عبدالله المفضي
منذ أن بدأنا نستنشق هواء الجمال من خلال شواطئه، ونبحر إلى لا نهائية يمه، ونترشف شهد كلماته، ونطير جنوناً ببهاء صوره، ونتهادى أغنياته، ونركض من صحيفة إلى أخرى هرباً من صقيع يأسنا بحثاً عن دفئه. نستلف لمساءاتنا حزمة من ضوئه، ولمشاعرنا دفقة من شدوه، ولقلوبنا طريقاً إلى الشفافية من همسه والشعر هو الشعر.
تشيخ مشاعرنا ويتجدّد شبابه، تبهت عباراتنا وتزيد رؤاه بريقاً، كلما التقيناه لا نجد ما يوحي بأن هذا الرائع يمكن أن يقف أو يشيخ ولست أبالغ فهو هو منذ أن عرفته وتعلّقت بعشقه وأنا أرى أن إصراره على المواصلة لم يتغيّر.
استطاع عشاقه وأهله المخلصون وعلى مدى تاريخه ورغم ما ومن يحاول أن يجرّه إلى الخلف ويطالبه بالتواري أن يواصلوا بحفاظهم على جماله بجميل إبداعهم الأصيل وحمايته من عوامل التعرية لإدراكهم أن الشعر رسالة خطرة ولذيذة تستحق أن يبذل من أجلها كل هذا العمر. والسهر والعناء. والقلق. والشتات.
وقفة:
لحسان بن ثابت رضي الله عنه:
الشعر لُبّ لسان المرءِ يعرضُهُ
على المجالسِ إن كيساً وإن حُمُقا
وإنّ أشعر بيتٍ أنتَ قائلهُ
بيت يقال إذا أنشدتَهُ: صدقا