علي عبدالله المفضي
من السهل على الناقدالحقيقي أن يكون ملفتا متفردا إذا كتب أدهش وإذا تحدث أبهر وإذا حكم أنصف وإذا قيّم عدل وإذا انتقى أصاب، يكتب عمن يعرف ومن لا يعرف بميزان واحد ورؤى متعددة ومدارس مختلفة بحسب النص وما يحتاجه من أدوات نقدية، ترى إذا قرأت له وهو يكتب عن جماليات أو سلبيات نص انه يتناول النص بمعزل عن كاتبه وإن كان من أقرب الناس إليه مودة لأن هدفه الحقيقي النص، والنص فقط.
ذلك هو الناقد الحقيقي الذى يأتي نقده بناء على اطلاع مسبق وعميق عن الشاعر الذي يتناول قصيدته ليكون الحكم له أو عليه مرهونا بما يستحقه من خلال مجمل شعره، وقد يكتب عن بيت أو فكرة أو صورة في شطر بيت دراسة مستفيضة و مفصلة وعميقة، إنه الناقد الذي ينير طريق المبتدئ ويصوب الشاعر الذي لا يرى جميع ثغرات نصه الذي كتبه بنصف وعي ونصف غيبوبة لإدراكه أن الناقد المتمكن (من يكتب بوعي عما يكتبه المبدع بلا وعي) وقد قال المتنبي وهو من هو في الشعر: (ابن جني أعلم بشعري مني).
وفي حوار مع أحد الأصدقاء حول وجود أو إيجاد مثل ذلك الناقد، قال: إنه قد يندر وجوده فيما يسمح للكثير من النصوص الرديئة بالتسرب وربما تصدر بعض المشاهد الشعرية، إما لجهل من الشاعر نفسه أو من كرسه وأقحمه ليكون في المقدمة دون وجه حق إلا محاباة، وفي ظل ذلك لن يتمكن الشعر الجديد ولا القارئ من الوقوف على ما يجب وما لا يجب أن يطرح من شعر.