علي عبدالله المفضي
من يتابع الشعر لا يستطيع إحصاء ما يُطرح من قصائد لكبر المساحة المتاحة لنشر النتاج الشعري ما بين المشاهد والمسموع والمقروء، وعلى ضوء ذلك فحريّ أن يختلط الحابل بالنابل والجيد بالرديء والأصيل بالمستنسخ والطبيعي بالمتكلَّف والهجين بعكسه، ولأن ذلك مسؤولية ضمير حي يهمه أن يرتفع مستوى الشعر والشعراء فإن على صاحبه إن كان لديه نافذة أو منبر أن يستقطب من لديهم الخبرة والدراية والإنصاف ليلقوا الضوء على ما يُطرح ووضع ما يستحق منه في موقعه اللائق وإبداء الرأي الصريح والمحايد في ما يرى أنه أقل من ذلك ليستفيد ويدرك أخطاءه.
ولكن السؤال الأهم: أين نجد النقاد المميزون الذين يصححون المسار ويقيمون ما يقدم هنا وهناك، فأدب بلا نقاد كطرق بلا أنظمة ولك أن تتصوّر زحام الناس وفوضاهم وإذا تصوّرت ذلك في الحياة العامة فأسقطه على عالم الأدب والإبداع بكل صوره.
ليس كثيراً ولا ضرباً من الخيال أن نتصوّر مدننا الأدبية منظمة رائعة منتظمة يتسابق فيها الجميع على الجمال بكل صوره ووجوهه في ظل أنظمة مدروسة تتعامل مع الجميع بميزان عدل واحد ومحبة متبادلة يتقبلها الجميع بصدر رحب وقناعة تامة بأحكام لا تعترف بالتحيز والمحاباة.