د. محمد عبدالله الخازم
كتبت عن موضوع اللاجئين السوريين، وأشرت إلى أنه رغم كبر العدد الموجود منهم بالسعودية إلا أن هناك حملة تنتقد الجهود السعودية في هذا الشأن. وأحد الأسباب التي تقود إلى ذلك - كما أشرتُ - يعود إلى كون نظامنا لم يكن واضحاً في تعريفهم، وتسميتهم باللاجئين في وثائق السفر والإقامة الخاصة بهم. أحد المبررات لذلك تنطلق من حساسية اجتماعية، تعتـقد أن مصطلح لاجئ يسيء للأشقاء العرب، ويقلل من تقديرهم المعنوي والاجتماعي. هذا الأمر جعلنا نفضل استخدام مصطلحات نعتقد أنها أكثر لباقة مثل مقيم، أو إضافتهم ضمن القادمين للعمل تجنباً لأي تمييز يخصهم عن غيرهم من الجاليات.
يجب أن نكون صرحاء في هذا الشأن. وصل بلادنا مئات الألوف من الأشقاء العرب من مختلف الجنسيات بسبب الأوضاع المتأزمة في بلادهم، ورغم أن قدومهم أتى بمفهوم ضمني كلاجئين إلا أن عدم تصنيفهم الرسمي كلاجئين كان له تبعات مختلفة، ليس المجال شرحها. أحاول هنا إيضاح ما اقترحته في مقالي السابق بالحاجة إلى إعادة التعريفات والتصنيفات للمقيمين على أرض المملكة، وتحديداً لنكون مشابهين لما هو متعارف عليه في أغلب الدول، وبالذات المتقدمة منها، ومن ذلك تحديد مفهوم وتعريف فئتين مهمتين من الأجانب القادمين/ المقيمين بالمملكة، إضافة إلى تصنيفات فيز الدخول المعتادة للمملكة كفيزة زائر أو عامل/ موظف أو طالب.
فئة اللاجئين بحيث تمنح لمن يسمح لهم بدخول المملكة نتيجة دوافع إنسانية، تتعلق بأوضاع الحرب أو المشاكل أو القلق داخل بلادهم. هذه الفئة يتم التعامل معها كحالات إنسانية في مختلف دول العالم، لكنها لا تمنح حق الإقامة الدائمة، ويفترض أن يعود حاملها لبلده بعد انتهاء المشاكل المحيطة بقدومه، كالحروب. قد تكون فترة اللجوء محددة بسنوات قليلة، يتم تجديدها في حالة الحاجة إلى ذلك. يتم دعم تلك الفئات اجتماعياً، لكنها لا تملك الحقوق التي يملكها المواطن من ناحية الوظيفة العامة أو الملكية أو غير ذلك من الامتيازات.
فئة المهاجرين أو دائمي الإقامة.. هذه الفئة في أكثر دول العالم تعتبر فترة انتقالية للقادمين الجدد، يتم بعدها نقل من يجتاز الشروط منهم إلى صفة المواطنة. بعض الدول تكون تلك الفترة بمعدل أربع أو خمس سنوات، وبعضها تمتد فترات أطول تحت مسميات مختلفة (القرين كارد مثلاً). وبعض الدول، وقد نكون منهم، تكتفي بمنحهم صفة الإقامة الدائمة دون ربطها بموعد للجنسية؛ يسمح لهم بالإقامة الدائمة، ويعامَلون بشكل قريب من المواطن في كثير من المواضيع، لكنهم لا يمنحون الجنسية الكاملة سوى بعد فترة من الزمن واجتياز شروط محددة في هذا الشأن. كثير من الدول تسمح للاجئ بتغيير وضعه إلى مقيم دائم أو مهاجر بعد فترة من الزمن، وبعد تحقيق اشتراطات معينة، وتسمح لأبنائه المولودين في البلد بالحصول على حق الإقامة الدائمة ومن ثم الجنسية... إلخ.
طبعاً هناك فئات الفيز المعتادة، كفيز العمل والدراسة والحج والعمرة، وغيرها، ولا أقصد المساس بها، لكن أكرر الاقتراح بتصنيف والتفريق بين اللاجئ والمهاجر/ أو المقيم الدائم أسوة بدول العالم، وحتى لا يأتي حاقد - كما يحدث في قضية اللاجئين السوريين - ويتهمنا بأننا لم نرعَ ونهتم باللاجئين السوريين لمجرد عدم استيعاب فكرة أننا لم نسمهم لاجئين حين استقبلناهم، بل ربما نحتاج إلى إعادة أو تطبيق هذا التصنيف بعد تطويره وتحديثه بأثر رجعي على من دخلوا بلادنا منذ عشرات السنين كلاجئين أو مقيمين.. وليس في ذلك ما يعيب أو يسيء؛ إذ إنها عملية تنظيمية، تتبعها أغلب دول العالم، ولا يفترض أن تكون مراعاة مشاعر الآخرين على حساب التنظيم وعلى حساب المتعارف عليه عالمياً..