د. محمد عبدالله الخازم
يعتبر برنامج خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - للابتعاث مفخرة وطنية للمملكة العربية السعودية، كونه يتفرّد في نوعه من ناحية العدد الكبير للمبتعثين ومن خلال المزايا التي يقدمها البرنامج للمبتعث وذويه. والمبتعث السعودي مثله مثل الآخرين قد تواجهه ظروف طارئة أو احتياجات ملحّة خارج نطاق ما يستحقه نظاماً من مميزات. إضافة إلى ذلك فإنّ طبيعة الابتعاث وتعدُّد جوانبه الثقافية والأكاديمية والاجتماعية تتطلب، أحياناً، إقامة أنشطة مجتمعية إضافية تتطلب دعماً خاصاً خارج تغطية البرنامج الرسمية.
هذا الأمر يحدث للطالب أو المبتعث أو المواطن سواء كان داخل البلاد أو خارجها، وقد تنبهت له الجامعات السعودية مبكراً فأسست صناديق الطلاب ذات الصبغة التكافلية بالجامعات وحددت آليات واضحة لموارد وإدارة وعمل تلك الصناديق. وعلى غرار ذلك نقترح إنشاء صندوق المبتعث الاجتماعي بكل ملحقية ثقافية، وقد يكون بادرة تتبناها إحدى الملحقيات، ومن ثم تعمم في حال نجاحها على بقية الملحقيات الثقافية. أو ربما يكون صندوق واحد لبرنامج الابتعاث، والخشية هنا تكمن في احتمالية مركزيته وعدم تفاعل قراراته مع الاحتياجات الفعلية بكل بلد.
صناديق الطلاب بالجامعات تؤسس بموجب لائحة خاصة منظمة لصناديق الطلاب والمؤسسات التعليمية، بناءً على موافقة المجلس الأعلى للجامعات السعودية بالجلسة المنعقدة في 26-07-1398هـ، وتعتبر جمعيات اجتماعية طلابية تتمتع باستقلال مالي وإداري تحت إشراف مجلس إدارة يرتبط مباشرةً بمدير الجامعة، وتخضع لمراقبة ديوان المراقب العام. وباعتبار الملحقية الثقافية إحدى المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم، فإننا نرى تأسيس صندوق المبتعث المقترح أمراً ممكناً ولا يتعارض مع الأنظمة القائمة.
أسوة بصندوق الطلاب الجامعي وغيره من الأمثلة، يمكن أن تبدأ موارد الصندوق الاجتماعي للمبتعث بمنحة سنوية تقدم للصندوق في بداية تأسيسه من قِبل الجهات المعنية (مثال صندوق التعليم العالي)، بعد ذلك يعتمد على المبالغ المستقطعة من رواتب المبتعثين بمعدل عشرة دولار (أو عملة البلد) شهرياً لكل مبتعث أو مرافق بالغ، الهبات والتبرعات والمنح والوصايا المقدمة للملحقية دعماً لصندوق الطالب، ريع أموال الصندوق واستثماراتها، القروض المستردة من الطلبة، وأية موارد أخرى يقرها مجلس إدارة الصندوق.
وحتى تكمل الصورة التي اقترحها لهذا الصندوق، أرى بعض أنشطة الصندوق تتمثل في تقديم الإعانات والسلف للمحتاجين من الطلاب، مثال من يتعرضون لحوادث أو طوارئ لا يتم تغطيتها بالتأمين الرسمي، أو من يعانون ظروفاً اجتماعية يقدرها مجلس إدارة الصندوق ويقر تفاصيلها في لائحته، تقديم المكافآت والجوائز التشجيعية للمتفوقين وللأندية المتفوقة خارج نطاق المكافآت التشجيعية التي ينص عليها النظام، دعم الأنشطة الثقافية والاجتماعية المتعلقة بالمبتعث السعودي، كالرحلات الطلابية بين دول الابتعاث أو بين المدن في بلد الابتعاث، وغير ذلك من الأنشطة التي تعتبر غير رسمية وذات طابع اجتماعي تكافلي، ويتم تقريرها حسب حجم موارد الصندوق وإمكاناته. على سبيل المثال قد يقتصر عمله في البداية على السلف البسيطة للبمتعثين المحتاجين، وحينما ينمو رأس ماله قد يدخل في مواضيع دعم أكبر للأنشطة الثقافية والاجتماعية..
يبرر احتياجنا لهذا الصندوق بشكل أكثر إلحاحاً، توجُّه وزارة التعليم نحو تقليص مصاريف الأندية الطلابية، كما حدث لأندية الطلاب بالمملكة المتحدة. وقد يدعم الصندوق - جزئياً - احتياجات الأندية الطارئة الثقافية والاجتماعية...
هذه فكرة صندوق اجتماعي تكافلي طلابي، ونحتاج كذلك لصندوق موارد الابتعاث الذي سبق أن أشرت إليه ضمن مقترح تأسيس هيئة مستقلة معنية ببرنامج الابتعاث، لها تنمية مواردها الذاتية عبر صندوق موارد يخصص لذلك الغرض. قد تتاح الفرصة للكتابة مستقبلاً عن صندوق الابتعاث أو تنمية موارد برنامج الابتعاث، بشكل يستفيد من إسهامات القطاع الخاص والحكومي في هذا الشأن.