رقية الهويريني
جاءت هذه الآية الكريمة في سورة التكوير، وفيها ذكر لأشراط الساعة وأهوال يوم القيامة، والعشار هي الإبل، وجمع (عشراء) الناقه التي اكتمل حملها عشرة شهور، وعطّلت بمعنى تُركت وأهملت! وتركها وإهمالها أمر عجيب برغم نفاستها وارتفاع سعرها بسبب قرب ولادتها والاستفادة منها ومن وليدها.
وقد وصلت أسعار الإبل في المملكة لأرقام خرافية وبلغت أثمانها الملايين من الريالات بسبب دخولها في المزادات وعرضها في المزاين السنوي! فلا يكاد أحد يتوقع إهمالها! ولكن ما حصل من تأكيد وزارتي الزراعة والصحة أثبت علاقة الإبل بنقل حمى كورونا للإنسان، بناء على ما أسفرت عنه الأبحاث العلمية والمخبرية التي تم إجراؤها مؤخراً، وتمكن فريق طبي متخصص بقيادة البروفيسور طارق مدني رئيس شعبة الأمراض المُعدية بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، من اكتشاف أجسام مضادة للفيروس في تسع إبل يملكها أحد المرضى الذي توفي بعمر 44 سنة، وتم عزل هذا الفيروس منها وتحديد التسلسل الجيني لها، وكان مطابقاً بنسبة 100 % للفيروس المعزول من المريض، مما يثبت أن الجمل كان مصدر انتقال الفيروس للمريض.
وقد كانت الإبل تُذبح في الحج للهدي والأضاحي في مكة المكرمة منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم تحقيقاً لقوله تعالى «والبدن جعلناها لكم من شعائر الله» وقد فضلها عليه السلام على غيرها من الأنعام لأنها أوفر لحماً وأغلى ثمناً، فلا يقدم إلى الله إلا ما هو أسمن وأعظم وأنفس عند أهله.
وفي موسم حج هذا العام 1437هـ أعلن مركز القيادة والتحكم بوزارة الصحة قرار منع دخول الإبل للمشاعر المقدسة، في ظل الفتوى الصادرة عن المفتي العام بإجازة استبدالها بالبقر والغنم والضأن؛ وذلك في إطار الجهود الحكومية المبذولة لمنع تفشي فيروس «كورونا» بين الحجاج في المشاعر المقدسة.
ولعله بعد هذا القرار ستسري حالة من الخوف بين أوساط ملاك الإبل النفيسة وستقل حيازتها بعد تناقل العزم بإعدام المصاب منها، برغم مقاومتهم العنيفة للتصريحات التي تؤكد تسبب الإبل السعودية في نقل العدوى ورفضهم نتائج الأبحاث واللجوء إلى طرق بدائية في العلاج.
وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح، فقد تجاوز أولئك المدى بالمزايدات في الأسعار وما يرافقها من مهرجانات، وإفراط في الاحتفالات، وإسراف في الأكل ورمي الطعام في الحاويات.
فهل جاء اليوم الذي تعطّل فيه العشار وتهمل الإبل؟
إنها سنة الله وحكمته في هذا الكون!