رقية الهويريني
أصبح من السهولة أن ترى في شارع لا يتعدى طوله كيلو متر واحد وتتخلله عدة شوارع فرعية، انتشار أكثر من30 صيدلية بمساحات كبيرة تحتوي على أدوية ومستحضرات تجميل ومواد استهلاكية، ومثلها مطاعم ومحلات وجبات سريعة وغيرها، مما يثير الدهشة والعجب! فهل نحن شعب يتدافع على الأكل، أم نحن شعب مريض ينشد الدواء؟!.
والحق أن الأمر يدعو للتساؤل، ويطلب التفسير! فسماح البلديات بانتشار هذا الكم الهائل من المطاعم والصيدليات إما لأنها لا تقوم بعمل مسح ميداني يبين الحاجة الفعلية لسكان الأحياء لهذين النشاطين على وجه التحديد أو أن هناك تلاعباً وفساداً مسكوتاً عليه!.
وبرغم نشر وقائع حقيقية وأخباراً مصورة عن سوء نظافة المطاعم ومحلات الوجبات السريعة والعاملين بها، إلا أن التدافع عليها واكتظاظها بالناس، ووقوف أرتال من السيارات أمامها لدرجة تعطيل السير يثير الدهشة!.. وكي يستمر العجب؛ فللقارئ أن يعلم بوصول عدد الصيدليات المشهورة لمالك واحد فقط إلى ما يزيد عن 700 فرع في جميع أنحاء المملكة، بدخل سنوي يفوق ثلاثة مليارات ريال يعمل بها وافدون! وبحسب الكتاب الإحصائي السنوي لوزارة الصحة لعام 2011م وصل عدد الصيدليات في المملكة إلى 6373 صيدلية، تتمركز بشكل كبير في الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وخلال الأربع سنوات الماضية من المؤكد أن عددها قد تضاعف!.
وما يؤسف له أن أسعار الأدوية لدينا أغلى بكثير من دول أخرى وهو ما قد يفسر الغموض بانتشارها، إضافة إلى تقصير الخدمة الصحية الحكومية في علاج المريض فيتجه مباشرة للصيدلية، مع تراخي وزارة الصحة في منع صرف أي دواء دون وصفة طبية واكتفائها بوضع لوحة شكلية تحمل المنع دون متابعة الأمر فعلياً، ويساهم في تفاقم هذا الخلل ضعف الوعي الصحي للفرد في مجتمعنا. ولا نغفل عن إغراء شركات الأدوية للصيادلة المسوقين، والضغط عليهم بتصريف الكميات للحصول على نسبة ربح من سعرها! مما ينقل صفة الصيدليات من خدمة علاجية إلى صبغة تجارية بحتة وهو ما يسبب ضرراً بالغاً على الفرد والمجتمع.
وأجدني مضطرة للربط منطقياً بين كثرة المطاعم والصيدليات، فما تهدمه الأولى تحاول أن تعالجه الثانية، وهيهات أن تفعل! فالطعام الرديء المشبع بالدهون الذي يتغلغل داخل الجسد السقيم المثقل بالشحوم لا تستطيع الأدوية أن تعالجه.
وإلى أن يستيقظ الفرد الغافل؛ ينبغي أن تنشط المؤسسات الحكومية كصحة البيئة وهيئة الغذاء والدواء بدورها الوطني والإنساني.. فهل تفعل؟!.